9/11: Saudis Are Not Afraid

<--

11 سبتمبر الذي لا نخشاه كسعوديين

لم يزعجنا نحن كسعوديين ما أعلنت عنه واشنطن حيال نيتها بفتح ملف المسؤول عن أحداث 11 سبتمبر الإرهابية، ورغم إعلان واشنطن قبل بضعة أعوام عن المسؤول حقيقة عنها وتبرئة السعودية منها.

لم تتصدّر المملكة دول العالم في مكافحة الإرهاب من منطلق معاناتها منه كمشكلة محلية فحسب، بل وتصدّت له على مستوى العالم أجمع من خلال مبادراتها ومراكزها وتعاونها واتفاقياتها الأمنية مع العديد من دول العالم، ويشهد قضاؤها على تنظيم القاعدة في المملكة ليس ابتداءً ولا انتهاءً من الشواهد الكثيرة من ضربات أجهزتها الأمنية الاستباقية في إحباط وإبطال الكثير من العمليات الإرهابية التي تجاوزت كفاءتها وقدرتها حدود المملكة لتنقذ ملايين من أرواح البشر في عدد من عواصم ومدن العالم، وواجهت المملكة الإرهاب لأكثر من عقدين وأخذت على عاتقها العزم الجاد ووضعت استراتيجيتها السياسية الواضحة والصادقة في محاربته وسخّرت كل إمكاناتها الأمنية والفكرية للقضاء عليه فعلياً، الأمر الذي أكسبها الخبرة الكبيرة والثقة العالمية خاصة أنها من أوّل من تنبّه ونبّهت إبان انحسار نشاط تنظيم القاعدة المفاجئ تزامناً مع اندلاع شرارة ثورات الربيع العربي المزعوم، وثبتت وصدقت التوقعات والتحليلات السعودية بأن القاعدة كتنظيم إرهابي لم ينحسر وإنما انحسر نجمها الإعلامي واستُبدل المسمى بظهور مسميات لتنظيمات أخرى جديدة، وأن الثورات لن تنهي القاعدة كفكر إرهابي، بل قد يزيد ضراوة وقوة وفعلاً صارت التنظيمات كداعش لاعباً سياسياً تتفاوض معه أنظمة وتتحالف وتستخدمها دول لتحقيق غاياتها أو مخططاتها ومؤامراتها.

وليس ابتداءً من الاتصال الهاتفي الذي تلقاه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع من وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر وما جرى خلال الاتصال من بحث وتوسيع في مجالات التنسيق مع المملكة ودول الخليج حيال القضايا الإقليمية والدولية والعسكرية، وتعزيز فرص الاستقرار في المنطقة بما فيها الجهود المشتركة في مكافحة الإرهاب إلى جانب تنسيق الجهود الأميركية – الخليجية من أجل مواجهة التطرف الذي تدعمه بعض الدول، ومواجهة الدور الإيراني في المنطقة الذي أدى إلى تدهور الأوضاع في المنطقة، وليس انتهاءً من اتفاق الرياض وقمة الرياض وتعزيز الجهود والاتفاقيات والتعاون التاريخي بين الرياض وواشنطن في شتى المجالات عامة وفي مكافحة الإرهاب خاصة.

لذلك لم يزعجنا نحن كسعوديين ما أعلنت عنه واشنطن حيال نيتها بفتح ملف المسؤول عن أحداث 11 سبتمبر الإرهابية ورغم إعلان واشنطن قبل بضعة أعوام عن المسؤول عنها حقيقة وتبرئة السعودية منها، ورغم ذلك رحبت بشدة سفارة المملكة لدى الولايات المتحدة بالكشف عن الوثائق السرية المتعلقة بالهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر 2001م. وفي بيانها الصادر دعت قيادة المملكة إلى “الكشف عن جميع المواد المتعلقة بالهجمات بشكل مستمر خلال العشرين عاماً الماضية. وقد طالبت المملكة دوماً بالشفافية فيما يتعلق بمأساة الحادي عشر من سبتمبر. وكما كشفت التحقيقات السابقة، بما في ذلك لجنة الحادي عشر من سبتمبر ونشر ما يسمى بـ”28 صفحة”، لم يظهر أي دليل على الإطلاق يشير إلى أن حكومة المملكة أو أيّ من مسؤوليها كانوا على علم مسبق بالهجمات الإرهابية أو كانوا متورطين بأي شكل من الأشكال في التخطيط لها أو تنفيذها.

وأي ادعاء بأن المملكة متواطئة في الهجمات هو ادعاء باطل لا أساس له من الصحة. وكما أكدت إدارات الرؤساء الأربعة السابقين للولايات المتحدة، فقد دانت المملكة واستنكرت الجرائم الشنيعة التي ارتكبت ضد حليفها وشريكها الولايات المتحدة.

تدرك المملكة جيداً واقع التهديدات التي يمثلها تنظيم القاعدة من خلال أيديولوجيته وأفعاله الإرهابية. وقد كانت المملكة إضافة إلى الولايات المتحدة، الهدف الرئيس لتنظيم القاعدة، حتى قبل الهجمات ولم تدخر المملكة أي جهد في مواجهة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله. وتفخر بلادنا بسجلها في مكافحة الإرهاب بما في ذلك جهودها لإحباط تمويل الإرهاب واستراتيجيتها الشاملة لمكافحة الفكر المتطرف ودحر جميع المنظمات الإرهابية، المملكة شريك رئيس للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، وقد واجهتا بلدانا معاً تنظيم داعش في العراق وسورية، وألحقنا ضمن نجاحات أخرى خسائر كبيرة بالقاعدة في شبه الجزيرة العربية وتنظيم داعش في اليمن. ولا شك أن العمل المنسق بين البلدين لمواجهة المخططات الإرهابية والتصدي لها على مدار العشرين عاماً الماضية قد أنقذ أرواح الآلاف من السعوديين والأميركيين”.

وحملت المملكة لواء مكافحة الإرهاب بشتى صنوفه على عاتقها على مدى أكثر من عقدين والعالم أجمع يشهد للمملكة بريادتها الأمنية وقدراتها الاستخباراتية في مكافحة الإرهاب وتنظيماته، وكم من العمليات الإرهابية التي أحبطتها أجهزة المملكة الأمنية ليس في داخل المملكة وخارجها أو في دول أخرى كأميركا وبريطانيا وقبل وقوع العمليات الإرهابية التي كانت تستهدف أمنها.

ولا ننسى حتى وقت قريب إلقاء القوات السعودية الخاصة باليمن على أمير تنظيم داعش في اليمن الملقب بأبي أسامة المهاجر والمسؤول المالي للتنظيم، وعدد من أعضاء التنظيم المرافقين له في عملية نوعية لم تستغرق أكثر من عشر دقائق منذ بداية الهجوم وإلقاء القبض على المطلوبين وحصر المضبوطات الخاصة بالإرهابيين والتنظيم.

إذاً وبالشواهد العديدة التي مكّنت للمملكة أن يدوّن تاريخ مكافحة الإرهاب في أنصع سجلاته اسمها وفي مقدمة دول العالم وتجاوز جهودها وإنجازاتها الصعيد المحلي إلى العالمي عموماً ومع واشنطن خصوصاً ليس بدءاً من تخصيص الميزانيات الضخمة لمكافحة الإرهاب الذي يشكل تهديدًا لسلم العالم أجمع وأمنه واستقراره، ولا انتهاءً من إعلان المبادرات الجديدة والمراكز العديدة لتعزيز جهود وسبل مكافحته وتوظيف كل الأساليب العلمية والبحثية والتقنية العالية أو سن القوانين للقضاء عليه.

وقد نشرت في هذا السياق صحيفة المونيتور الأميركية تقريراً أكدت فيه أن السعودية تشكل جزءاً حاسماً في الحرب الدولية لمناهضة المتطرفين الإسلاميين، وشريك لا غنى عنه للولايات المتحدة الذي يجب دعمه.

وتؤكد المونيتور أن الحليف الأميركي في مكافحة الإرهاب مستهدف من التنظيمات الإرهابية رغم نجاح السعودية في تحجيم الخطر الإرهابي في السنوات الأخيرة.

ويشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة الأميركية مطالبة بدعم شريكها في محاربة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة بما أنها كانت مستفيدة من سياسات مكافحة الإرهاب السعودية لسنوات حيث لم تكتف وزارة الداخلية السعودية بحماية الدبلوماسيين والمغتربين الأميركيين في المملكة، بل قدمت معلومات استخبارية لإحباط هجمات داخل الولايات المتحدة وأوروبا.

ودعت الصحيفة الأميركية إلى التعاون الفعال مع المسؤولين السعوديين ووجه الخبير الأميركي بمجال الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب “بروس ريدل”، نصيحة إلى الإدارة الأميركية الجديدة بضرورة الاهتمام بالعمل مع المملكة في مجال مكافحة الإرهاب وأوضح الكاتب تحت عنوان: “كيف يمكن لواشنطن والرياض العمل معًا لمكافحة الإرهاب”.

وكانت فترة أوباما وصمة عار على الجبين الدولي، حينما تنازل عن دوره المفترض وسمح لنظام إرهابي ممثلاً بإيران وتنظيمات إرهابية أخرى بالتمدد والانتشار، وإن كان ثمة درس سياسي عظيم تعلّمته واشنطن في ضوء الست مبادرات التي أسفرت عنها قمة الرياض الخليجية – الأميركية بقيادة الرياض أن السياسة السعودية ليست فن الممكن كما هو دارج؛ وإنما فن إيجاد أكثر من ممكن، ومن ثم الاختيار فيما بينها فالمشكلة ليست في التحالفات؛ وإنما في مصالح هذه التحالفات، فتحالف السعودية ضارب الجذور في التاريخ، والممثل بثقلها ومركزيتها لأمة الخليج والأمة العربية والإسلامية مع حليفها التاريخي العتيق واشنطن لم يكن لمصلحة المنطقة فحسب بل ومصالح أميركا أيضاً.

About this publication