Will the West Continue To Shield Israel?

<--

هل يستمر الغطاء الغربي لإسرائيل؟

واشنطن نجحت بعد إزاحة حكومة نتنياهو في ضبط تصرّفات حكومة نفتالي بيينت

رغمَ الضغوطاتِ التي مارستها إدارة بايدن على إسرائيل، لإعادة فتح القنصلية الأمريكيّة في القدس المُحتلة لخدمة المواطنين الفلسطينيين، إلا أن حكومة العدو لا تزال تصرّ على رفض ذلك. هذا في وقت يريد فيه الأمريكيون اتخاذ خُطوة رمزيّة، لتحسين علاقاتهم مع الفلسطينيين، بعد الانقطاع الذي حدث خلال إدارة ترامب السابقة، بسبب الرفض الذي قوبلت به (صفقة القرن).

ويرى الإسرائيليون أن الفرصة مواتية أمامهم كي يتحدوا إدارة بايدن الآن، ويفلتوا بذلك، لأن هذه الإدارة مشغولة في التصدي لمشاكل أهم. أضف إلى ذلك أن الإسرائيليين لا يرغبون في رؤية بايدن يلغي كل ما قدمه لهم ترامب، بل يريدون أن يستفيدوا من المكاسب التي تحققت لهم.

القنصلية في القدس:

لكن المشكلة أعمق مما تبدو، فإدارة بايدن لا يهمها خدمة المواطنين الفلسطينيين بقدر ما يهمّها أن يبقى موضوع إعادة فتح القنصلية ك (مسمار جحا)، ومن أدوات الضغط على إسرائيل، تستخدمه متى شاءت. فقد مرّت العلاقة بين أمريكا وإسرائيل بفترة توتر شديد بعد تولي إدارة بايدن الحكم، وانقلابها على نهج (الصك المفتوح) الذي سار عليه الرئيس السابق ترامب.

لكن واشنطن نجحت، بعد إزاحة حكومة نتنياهو، في ضبط تصرّفات حكومة نفتالي بيينت في أكثر من مسألة، من بينها وقف تدخّل الإسرائيليين وتشويشهم على الموقف الأمريكي فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، ثم وقف إثارة وافتعال الخلافات مع مصر والأردن، ثم إجبار تل أبيب على إلغاء مشاريع حيويّة مع الصين، من بينها تأجير ميناء حيفا، وإقامة محطة لتحلية مياه البحر، وربما أيضًا وقف تسريب الأسرار العلميّة الأمريكيّة إلى الصين.

الاستفزاز الإسرائيلي:

أدركت إسرائيل أن إدارة بايدن تسعى إلى تهميشها إقليميًا، وإبعادها عن أية ترتيبات مستقبليّة. وسبب ذلك أنها ما زالت ترفض تسوية القضية الفلسطينيّة على أساس حل الدولتين، وتستمر في الضم والاستيطان، ثم إنها مُصرّة على عدم إطلاع واشنطن على تفاصيل علاقاتها مع الصين وروسيا. وتنظر إدارة بايدن إلى هذه الأمور بأنها عوامل استفزاز ستؤثر سلبًا على مكانة ومستقبل إسرائيل، وأمنها، وتجعل من الصعب استمرار الغطاء الدبلوماسي الأمريكي لها دوليًا، لدى الأمم المتحدة، ولدى محكمة الجنايات الدوليّة في لاهاي.

تحجيم إسرائيل:

لقد جعلت حالة النشوة التي عاشتها إسرائيل، في عهد ترامب، حكامها يفقدون قدرتهم على استيعاب المُتغيّرات على الساحة الدوليّة، ويرفضون الاعتراف بواقع جديد يستبعد كيانهم من أي ترتيبات إقليميّة، رغم حالة التطبيع الوهميّة. فواشنطن تريد إعادة رسم تحالفاتها في الشرق الأوسط، الأمر الذي لا يقدر الإسرائيليون على فهمه أو تصديقه. فتحجيم كيانهم هدف استراتيجي سيؤدّي إلى إضعافه دوليًا، على المدى البعيد، ووضع حدٍ لأحلام التوسّع لديه. إن إشكالية تجاهل إسرائيل للمُتغيّرات لها أكثر من سابقة. فقد أجبرت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق، دوايت أيزنهاور، حكومة ديفيد بن غوريون، تحت التهديد، على الانسحاب من شبه جزيرة سيناء بعد أن احتلتها خلال العدوان الثلاثي على مصر، عام 1956. كما أن إدارة الرئيس الأسبق، جيمي كارتر، أجبرت مناحيم بيغن على التوقيع، رغم أنفه، على معاهدة كامب ديفيد، سنة 1979، وهي التي قادت إلى انسحاب إسرائيل بالكامل من سيناء، عام 1982، وإلى تفكيك مستوطناتها، ما أصاب بيغن بحالة ذهول وإحباط لازمته حتى وفاته.

خلاصة القول: العقلية الصهيونية

ونكران الجميل:

تُعتبر الولايات المتحدة شريان الحياة بالنسبة لإسرائيل، ورغم ذلك فإن ساستها يقفون ضدّ المصالح الأمريكيّة في المنطقة، ويتملصون من خُطة واشنطن المتمثلة في حل الدولتين، وهذا ما أدّى عام 2014 إلى توقف مفاوضات التسوية. وقد وضع ذلك إسرائيل في مأزق مع إدارة باراك أوباما، ثم انتقل التوتر بينهما إلى إدارة بايدن. فإسرائيل تعضّ اليد الأمريكية التي تُطعمها وتحميها. فنكران الجميل صفة تلازم عقليتها الصهيونيّة، وفكرها المُنحرف. وعليه يبدو أن اليوم الذي ستجد إسرائيل فيه نفسها وقد تخلى عنها حتى من كانوا سببًا في زرعها في فلسطين، بات قريبًا.

إعلامي أردني

About this publication