Afghanistan Hang-Up Will Continue To Weigh on Biden Administration in 2022

<--

عقدة أفغانستان ترافق إدارة بايدن في 2022

من شدّة تسارع الأحداث في العالم، يكاد المرء ينسى الانسحاب الأميركي من أفغانستان في آخر شهر آب الماضي وحال الفوضى والإرباك التي رافقت هذا الانسحاب. تبدو العودة إلى الظروف التي طغت على الانسحاب مفيدة، أقلّه من ناحية إيجاد تفسير لذلك التغوّل على الولايات المتحدة الذي تمارسه كلّ من الصين وروسيا و”الجمهوريّة الإسلاميّة” الإيرانية. تعتقد إيران أنّ في استطاعتها وضع العالم أمام أمر واقع.  يتمثّل هذا الأمر الواقع في أهمّية التعاطي معها من منطلق أنّها قوّة نوويّة. ظهر هذا الأمر واضحاً من خلال طريقة تعاطي “الجمهوريّة الإسلاميّة” مع المفاوضات غير المباشرة التي تجريها مع الإدارة الأميركيّة في فيينا. تسعى إيران إلى فرض شروطها على إدارة جو بايدن، وذلك بعدما تبيّن أنّ هذه الإدارة تعاني من ضياع وتردّد كان الانسحاب من أفغانستان أفضل تعبير عنهما.

تستخفّ روسيا بأيّ ردّ فعل أميركي على حشد قواتها على الحدود مع أوكرانيا. في الوقت ذاته، تعتبر الصين أنّ استعادتها تايوان مسألة وقت ليس إلّا. كلّ ما في الأمر أنّ روسيا والصين باتتا تؤمنان بأنّ هذه إدارة تريد السترة وغير مستعدّة لإظهار مخالبها في أيّ مكان من العالم.

تحذو إيران حذو الصين وروسيا. يؤكّد ذلك التصعيد الإيراني انطلاقاً من اليمن وفي العراق وسوريا ولبنان.  تبدو “الجمهوريّة الإسلاميّة” مصرّة على التمييز بين ملفّها النووي من جهة، وسلوكها خارج حدودها من جهة أخرى. لا تعترف  بأنّ مثل هذا الإصرار يقلق دول المنطقة إلى حدّ كبير، كما يقلق إسرائيل التي تمتلك حساسية خاصة بها اتجاه أيّ سلاح نووي يمكن أن تحصل عليه “الجمهوريّة الإسلاميّة”. 

ترفض إدارة بايدن الأخذ برأي دول المنطقة، خصوصاً الدول العربيّة في الخليج. تعرف هذه الدول أنّ المشكلة مع “الجمهوريّة الإسلاميّة” تكمن في مشروعها التوسّعي أكثر بكثير من برنامجها النووي. فكلّ دولة من هذه الدول تجد نفسها مستهدفة بطريقة أو بأخرى.

واضح كلّ الوضوح أنّ لدى إيران هدفاً محدّداً في ما يخصّ التفاوض مع الولايات المتحدة والأوروبيين في شأن برنامجها النووي. كلّ ما تريده هو التخلّص من أكبر مقدار من العقوبات الأميركيّة كي تحصل على تمويل يسمح لها بالانصراف إلى السير قدماً في مشروعها التوسّعي. ستكون السنة 2022 سنة محوريّة. ستسمح تلك السنة، بل الأسابيع الأولى منها، بمعرفة هل في استطاعة إيران فرض شروطها والفصل بين برنامجها النووي المصرّة على السير به من جهة، وصواريخها وطائراتها المسيَّرة وميليشياتها المذهبيّة التي باتت أدوات لتدمير دول معيّنة من جهة أخرى؟

في اليمن، استطاعت إيران تحويل قسم من البلد إلى قاعدة صواريخ تستخدمها على هواها. لدى السعوديّة، بكلّ تأكيد، إثباتات على التورّط الإيراني المباشر أو غير المباشر عن طريق “الحرس الثوري” الإيراني و”حزب الله” اللبناني في الاعتداءات التي تستهدفها. صحيح أنّ المشروع الإيراني في اليمن واجه صعوبات كبيرة في الاستيلاء على مدينة مأرب المهمّة، لكنّ الصحيح أيضاً أنّ الحوثيين حقّقوا اختراقات في محافظة شبوة أخيراً. لهذه المحافظة أهمّية خاصة نظراً إلى الثروات التي في أرضها، فضلاً عمّا تمثّله من جسر بين شمال اليمن وجنوبه. إضافة إلى ذلك، إنّ الوجود الحوثيّ في شبوة يساهم في تشديد الحصار على مدينة مأرب نفسها. بسبب أهمّيّة شبوة، اتّخذت القوى الإقليمية المعنيّة بما يدور في اليمن إجراءات تستهدف انتزاع شبوة من براثن الإخوان المسلمين والاستعانة بـ”لواء العمالقة” من أجل الدفاع عنها.

في العراق، تفرض إيران جموداً سياسيّاً من أجل تأكيد أنّها صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في بغداد. بالنسبة إلى إيران، لا تقدّم الانتخابات ولا تؤخّر. خسرت الأحزاب الموالية لها الانتخابات الأخيرة التي أُجريت في تشرين الأوّل الماضي. بقي كلّ شيء على حاله. ما زالت “الجمهوريّة الإسلاميّة”، مع تظاهرها بالعكس، مصرّة على موقفها من الانتخابات ونتائجها على الرغم من مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على النتائج!

في سوريا، استطاعت إيران فرض تغيير ديموغرافي على الأرض. هجّرت أكبر عدد ممكن من السوريين. تحاول تغيير طبيعة سوريا. في الوقت ذاته ليس ما يشير إلى أنّ في استطاعة النظام الأقلّوي القائم الإفلات من سطوتها. في النهاية استثمرت مليارات الدولارات من أجل بقاء هذا النظام وجعل سوريا خاضعة لها. ثمّة حاجة إلى معجزة كي تعود سوريا إلى ما كانت عليه في الماضي القريب… أي قبل العام 1970  الذي شهد تغييراً أساسيّاً في مجال صعود الطائفة العلويّة ووضع يدها على مفاصل البلد بعد تفرّد حافظ الأسد بحكم البلد.

في لبنان، لا جدال في ما يخصّ النفوذ الإيراني. هناك بلد رئيس جمهوريّته ميشال عون، ويحكمه فعليّاً حسن نصرالله، الأمين العامّ لـ”حزب الله”. بات الحزب يقرّر من هو رئيس الجمهورية في لبنان، وهل تتشكّل حكومة، وهل مسموح اجتماع الحكومة في حال تشكّلت. أكثر من ذلك، صار مطلوباً أن يكون القضاء في لبنان رهن إشارة “حزب الله” ورغباته!

ليست إيران في وارد التخلّي عن أيّ من أوراقها. على العكس من ذلك، تستخدم هذه الأوراق كي تعزّز موقعها التفاوضي مع أميركا والأوروبيين. ستكشف السنة 2022 هل تكون “الجمهوريّة الإسلاميّة” قادرة على فرض شروطها، فيما العالم، وعلى رأسه أميركا، يتفرّج، وفيما منطقة المشرق العربي تتفتّت ويتفتّت معها اليمن؟

ستكون 2022 سنة مفصليّة للشرق الأوسط والخليج ولإيران نفسها ومشروعها التوسّعي الذي ساعدت إدارة بوش الابن في العام 2003  في إعطائه دفعة جديدة بعد تسليمها العراق إلى حكّام طهران.

في ما يخصّ التعاطي مع كلّ من الصين وروسيا وإيران، سيتوقّف الكثير على ما إذا كانت إدارة بايدن ستبقى حائرة وضائعة ومرتبكة، وهل في استطاعتها التخلّص يوماً من عقدة أفغانستان وطريقة الانسحاب منها بعد حرب استمرّت عشرين عاماً؟ 

في النهاية يمكن طرح السؤال ذاته بطريقة مختلفة: هل تبقى عقدة أفغانستان متحكّمة بواشنطن في 2022؟ الجواب أنّ مثل هذا الأمر مرجّح إلى حين ثبوت العكس على أرض الواقع وليس عبر الكلام المنمّق الذي يتقنه مسؤولو إدارة بايدن.

About this publication