Differing Attitudes toward the Ukrainian Crisis among Americans

<--

تباين المواقف من الأزمة الأوكرانية بين الأمريكيين

لقد‭ ‬لعبت‭ ‬روسيا‭ ‬بوتين‭ ‬دور‭ ‬‮«‬المواجهة‮»‬‭ ‬مع‭ ‬الغرب،‭ ‬ويبدو‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬انتصرت‭ ‬في‭ ‬رهانها‭. ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الكثيرين‭ ‬في‭ ‬اليسار‭ ‬الديمقراطي‭ ‬اعتقدت،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر،‭ ‬أن‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يرسل‭ ‬قواته‭ ‬إلى‭ ‬أوكرانيا‭ ‬للتعبير‭ ‬بكل‭ ‬وضوح‭ ‬عن‭ ‬تصميمه‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬التسامح‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬تهديد‭ ‬لسيادتها‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أوكرانيا‭ ‬عضوًا‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭.‬

لقد‭ ‬قرأ‭ ‬بوتين‭ ‬تردد‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬الرد‭ ‬بما‭ ‬يتجاوز‭ ‬الكلمات‭ ‬والآن‭ ‬العقوبات،‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬ضعف‭. ‬الكلمات‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬شيئًا،‭ ‬وقد‭ ‬قاومت‭ ‬روسيا‭ ‬وأوليغارشيتها‭ ‬العقوبات‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬بوسع‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬وحلف‭ ‬الناتو‭ ‬بالمقابل‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬التحديً‭ ‬العسكريً‭ ‬المباشرً‭. ‬لسوء‭ ‬الحظ،‭ ‬تمكنت‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬غزو‭ ‬أوكرانيا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تحد‭ ‬ذي‭ ‬معنى‭.‬

ناقش‭ ‬القادة‭ ‬والمعلقون‭ ‬السياسيون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬أسابيع‭ ‬الرد‭ ‬الأمريكي‭ ‬المناسب‭ ‬على‭ ‬تهديد‭ ‬روسيا‭ ‬لسيادة‭ ‬أوكرانيا‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬المواجهة‭ ‬المألوفة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الصقور‭ ‬الجمهوريين‭ ‬المتوقعة‭ ‬مواقفهم‭ ‬والحمائم‭ ‬الديمقراطيين،‭ ‬فقد‭ ‬احتدمت‭ ‬النقاشات‭ ‬داخل‭ ‬كل‭ ‬حزب‭ ‬وركزت‭ ‬على‭ ‬أمور‭ ‬مهمة‭ ‬ولكنها‭ ‬هامشية‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ – ‬وليس‭ ‬على‭ ‬القضايا‭ ‬المطروحة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬روسيا‭.‬

أشاد‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬بشكل‭ ‬غريب‭ ‬بالرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬باعتباره‭ ‬يمتاز‭ ‬بالعبقرية‭ ‬والدهاء،‭ ‬حيث‭ ‬راح‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجمهوريين‭ ‬في‭ ‬معسكره‭ ‬يتساءلون‭: ‬‮«‬لماذا‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الأوكرانيين؟‭ ‬هل‭ ‬سيقاتلون‭ ‬للدفاع‭ ‬عنا؟‮»‬،‭ ‬أما‭ ‬بعض‭ ‬مساعدي‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬فقد‭ ‬تجاهلوا‭ ‬المديح‭ ‬الذي‭ ‬كاله‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬لبوتين‭ ‬وراحوا‭ ‬بدورهم‭ ‬يقولون‭: ‬‮«‬لو‭ ‬كان‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬رئيسًا‭ ‬لما‭ ‬تجرأ‭ ‬بوتين‭ ‬على‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬اصطف‭ ‬معظم‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬وراء‭ ‬بايدن‭ ‬المتردد‭ ‬في‭ ‬الالتزام‭ ‬بإرسال‭ ‬قوات‭ ‬عسكرية‭ ‬وتلويحه‭ ‬بفرض‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬الأوليغارشية‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الروسية‭.‬

طالب‭ ‬بعض‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬الليبراليين‭ ‬وبعض‭ ‬الجمهوريين‭ ‬المحافظين‭ ‬بأن‭ ‬يسعى‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬موافقة‭ ‬الكونجرس‭ ‬قبل‭ ‬إرسال‭ ‬أي‭ ‬قوات‭ ‬عسكرية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬أوكرانيا‭.‬

انخرط‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬‮«‬اليساريين‮»‬‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬جلد‭ ‬الذات‭ ‬متسائلين‭: ‬‮«‬كيف‭ ‬نجرؤ‭ ‬على‭ ‬قول‭ ‬أو‭ ‬فعل‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬تاريخنا‭ ‬في‭ ‬انتهاك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وغزو‭ ‬البلدان‭ ‬ذات‭ ‬السيادة؟‮»‬‭.‬

وفيما‭ ‬يستمر‭ ‬هذا‭ ‬الحديث‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬تصويره‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يمثل‭ ‬مناقشة‭ ‬سياسية‭ ‬جادة،‭ ‬فإن‭ ‬الجوانب‭ ‬المقلقة‭ ‬للغاية‭ ‬من‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬واحتلال‭ ‬أوكرانيا‭ ‬لا‭ ‬تحظى‭ ‬باهتمام‭ ‬كبير‭- ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬ماضي‭ ‬الشعب‭ ‬الأوكراني‭ ‬وحاضره‭ ‬ومستقبله‭. ‬فالجدل‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬يتركز‭ ‬حول‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وحلف‭ ‬الناتو‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬بوتين‭ ‬وبايدن‭ ‬يتجاهلهم‭.‬

بصفتي‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬يوجد‭ ‬مقره‭ ‬واشنطن‭ ‬فإنني‭ ‬أعمل‭ ‬مع‭ ‬الأوكرانيين‭ ‬الأمريكيين‭. ‬أنا‭ ‬أعرف‭ ‬تاريخهم،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬صدمة‭ ‬هولودومور‭ (‬المجاعة‭ ‬القسرية‭) ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬في‭ ‬ثلاثينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬والإرهاب‭ ‬العظيم‭.‬

يفخر‭ ‬الأوكرانيون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬ببلدهم‭ ‬وتراثهم‭ ‬وثقافتهم‭ ‬واستقلالهم‭ ‬وهم‭ ‬يخافون‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬عواقب‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬وتاريخ‭ ‬بوتين‭- ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الاستقلال‭ ‬الذي‭ ‬نالته‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بشق‭ ‬الأنفس‭.‬

بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬المناقشات‭ ‬السياسية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بأوكرانيا،‭ ‬يجدر‭ ‬بنا‭ ‬أن‭ ‬نتساءل‭: ‬كيف‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬هنا‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة؟‭ ‬فقد‭ ‬خرجت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬منتصرة‭ ‬على‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬وأعلن‭ ‬صانعو‭ ‬السياسة‭ ‬والمحللون‭ ‬عن‭ ‬ميلاد‭ ‬‮«‬نظامً‭ ‬عالمي‭ ‬جديدً‮»‬‭ ‬تتسيد‭ ‬فيه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬باعتبارها‭ ‬القوة‭ ‬العظمى‭ ‬الوحيدة‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭.‬

عندما‭ ‬أقدم‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬على‭ ‬غزو‭ ‬الكويت‭ ‬واحتلالها،‭ ‬التزم‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬الأب‭ ‬بالقواعد‭ ‬وسعى‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتحرير‭ ‬الكويت‭ ‬وأقام‭ ‬تحالفًا‭ ‬دوليًا‭ ‬لتحرير‭ ‬ذلك‭ ‬البلد‭.‬

‮ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الإدارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الناجحة‭ ‬تحترم‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ -‬وعلى‭ ‬الأخص‭ ‬إبان‭ ‬الغزو‭ ‬والاحتلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬للعراق‭.‬

أضعفت‭ ‬حرب‭ ‬العراق‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عسكريا،‭ ‬وجعلت‭ ‬الأمريكيين‭ ‬حذرين‭ ‬ومرهقين‭ ‬من‭ ‬التدخلات‭ ‬الخارجية،‭ ‬وألحقت‭ ‬الضرر‭ ‬بمكانة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وخلفت‭ ‬تأثيرا‭ ‬بعيد‭ ‬المدى‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬برمته‭. ‬

لقد‭ ‬أدى‭ ‬ضعف‭ ‬قدرتنا‭ ‬وانتكاسة‭ ‬غطرستنا‭ ‬إلى‭ ‬ظهور‭ ‬عالم‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬حيث‭ ‬تعمل‭ ‬القوى‭ ‬العالمية‭ ‬والإقليمية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬واحد‭ ‬لإبراز‭ ‬قوتها‭ ‬المتنامية،‭ ‬حيث‭ ‬باتت‭ ‬تشعر‭ ‬بأنه‭ ‬يمكنها‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭. ‬لقد‭ ‬اختفى‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الجديد‮»‬‭ ‬ودور‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وسيادة‭ ‬القانون‭ ‬واستبدل‭ ‬بقانون‭ ‬الغاب‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬العراق‭.‬

إن‭ ‬ترصدي‭ ‬وحديثي‭ ‬عن‭ ‬أخطاء‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬انتهجتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬والتي‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬تفكيك‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬لن‭ ‬يجعلني‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬أقف‭ ‬في‭ ‬صف‭ ‬‮«‬الانعزاليين‭ ‬اليساريين‮»‬‭. ‬إن‭ ‬ذنوبنا‭ ‬الماضية‭ ‬لا‭ ‬تعفينا‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬المسؤوليات‭ ‬الحالية‭.‬

إن‭ ‬الشعب‭ ‬الأوكراني‭ ‬ليستحق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬صلواتنا‭ ‬وامتناع‭ ‬المذنبين‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭. ‬سيكون‭ ‬أفضل‭ ‬مسار‭ ‬للعمل‭ ‬هو‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأخطائنا‭ ‬الماضية،‭ ‬والالتزام‭ ‬بإعادة‭ ‬احترام‭ ‬سيادة‭ ‬القانون،‭ ‬والعمل‭ ‬لتصحيح‭ ‬الضرر‭ ‬الفوري‭ ‬الذي‭ ‬يلحق‭ ‬ببلد‭ ‬وشعب‭ ‬هم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬بيادق‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬‮«‬لعبة‭ ‬الأمم‭ ‬المقيتة‮»‬‭. ‬

{ رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي}

About this publication