Trump and Hillary … Take 2

<--

ترامب-هيلاري.. كلاكيت ثاني مرة

يبدو المشهد السياسي الداخلي في الولايات المتحدة الأمريكية، اليوم، أقرب ما يكون إلى الكوميديا السوداء.

وليس أدل على ذلك من الصراع الذي بدأ يطفو على السطح من جديد، بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ومنافسته الشرسة هيلاري كلينتون، تلك التي فقدت فرصتها في الوصول إلى “البيت الأبيض” عام 2016، لكنها من الواضح لم تخسر رغبتها، وها هي تتطلع للعودة من الباب الدوّار.

ما الذي يحدث على الأراضي الأمريكية؟

بدايات المشهد من عند الرئيس بايدن، والذي تتدهور شعبيته يوما تلو الآخر، وقد جاء المشهد الأخير الذي ظهر فيه في البيت الأبيض حائرا، لا يعرف إلى أين يمضي، فيما الجميع يلتف حول الرئيس الأسبق أوباما، ليخصم من رصيده المتراجع.

من الواضح أن بايدن بات عبئا ثقيلا على الديمقراطيين، والذين يتحسبون لخسارة انتخابات التجديد النصفي، وبالتبعية خسارة انتخابات الرئاسة 2024، والتي تبدو كحجر عثرة في طريق البلاد.

من هذا المنطلق ربما يتفهم المرء السر وراء الصحوة الهيلارية، إن جاز التعبير، ذلك أنه على الرغم من أنها وفي نهاية سباقها الأخير مع ترامب قبل ست سنوات، قطعت على نفسها وعدا بعدم الترشح ثانية، فإنه من الواضح أن وعودها براجماتية كطبيعة شخصيتها.

في فبراير/شباط الماضي، ظهرت “هيلاري” من جديد في أنشطة تحفيزية للحزب الديمقراطي، الذي تنتمي إليه في ولاية نيويورك، وقد لاحظت وسائل الإعلام الأمريكية كيف أنها لا تزال محبوبة من قبل الاتجاه العام في الحزب، وأن شعبيتها من المؤكد أعلى من شعبية الرئيس بايدن.

ظهور هيلاري الأخير دفع الكثير من المراقبين السياسيين أمريكا ودوليا للتساؤل: “هل تكون هيلاري ومن جديد جواد الديمقراطيين الرابح للترشح للرئاسة في 2024، والفرار من الهزيمة شبه المؤكدة التي تلاحق الحزب جراء خيارات بايدن؟

يحاجج البعض بأن هيلاري إذا ترشحت ستكون حينئذ قد تقدمت في السنّ ببلوغها السابعة والسبعين، فهي من مواليد عام 1947.. قد يكون هذا صحيحا بالفعل، غير أنه ربما قد يضحى حلا انتقاليا مؤقتا ولدورة واحدة، إلى حين ظهور كاريزما في صفوف الحزب، تكون قادرة على مقارعة الحزب الجمهوري الزاخر بكثير من الشخصيات التي لها حيثية على صعيد الحياة السياسية الأمريكية.

هل بدأت هيلاري بالفعل في عودتها إلى الساحة السياسية؟

يمكن أن يكون الأمر بالفعل على هذا النحو، لا سيما أن الذين تابعوا حوارها مع برنامج “واجه الصحافة” على شبكة “إن.بي.سي”، خلصوا إلى القول أنها حاولت الرجوع بالفعل إلى الميدان العام من خلال تعليقات قاسية حول الأزمة الأوكرانية، هاجمت فيها روسيا ورئيسها بوتين من جهة، كما أساءت إلى حلفاء أمريكا الموثوقين.

“كلينتون” بدا كأنها تغازل التيارات اليمينية، في الداخل الأمريكي أولا، وتدغدغ مشاعر التيار التقليدي في الحزب الديمقراطي، ذاك الذي يواجه عاصفة داخلية من جانب التيار اليساري التقدمي، والذي تقف على رأسه ألكسندرا أوكاسيو كورتيز، والتي يتنبأ لها كثير من المراقبين بأنها حكما ستضحي أول رئيسة للولايات المتحدة، بل ويثقون بها أكثر من ثقتهم بهيلاري، فقط ربما يعوزها بعض الوقت حتى يشتد عودها وتنضج خبرتها، لكنها قادمة لا محالة.

هل سيرشح الديمقراطيون هيلاري للرئاسة 2024؟ يمكن أن يحدث ذلك بشكل مؤكد إذا فقدوا سيطرتهم على الكونجرس في نوفمبر/تشرين المقبل درءا لمنع الخطر الداهم القائم والقادم في نوفمبر الذي يليه بعد عامين.

على الجانب الجمهوري، نرى تحركات واسعة للرئيس السابق ترامب، كأنه بالفعل مصمم على العودة إلى “البيت الأبيض” من جديد، ويعد أوراقه جيدا، مغازلا أكثر من 75 مليون من أنصاره، وهو عدد يتزايد يوما تلو الآخر، لا سيما في ظل الخيبات التي تلاحق الديمقراطيين اقتصاديا وسياسيا، داخليا وخارجيا.

قبل بضعة أيام وفي تجمع للحزب الجمهوري في ولاية نورث كارولينا، التي وصل إليها لدعم مرشحين في انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية في الولاية، قال ترامب: “أنا أكثر البشر الذين خلقهم الله صدقا”.

وعلى الرغم من أن الاحتفالية كانت لدعم الآخرين، فإن كلمات ترامب أظهرت نياته للانتخابات الرئاسية القادمة، وأضاف: “تعلمون، لقد أخضعت للتحقيق لسنوات وسنوات، وملايين الأوراق والوثائق، ولم يجدوا شيئا”، في إشارة إلى التحقيق المتصل باحتمال وجود صلة بينه وبين الروس في انتخابات عام 2016، وفي النهاية حصل على البراءة

ترامب ماض هذه الأيام في رفع دعوى لمقاضاة هيلاري والديمقراطيين، بسبب الاتهامات السابقة، والتوقيت هنا يلفت الانتباه، كأنه يعمد إلى قطع الطريق على هيلاري وعودتها للساحة السياسية، ولا تتوقف خططه عند هذا، بل دعا مؤخرا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لكشف أي معلومات “مسيئة” قد تكون بحوزته عن هانتر، نجل الرئيس بايدن، ناهيك بقصة كمبيوتر “هانتر” وما يحويه من معلومات تشير إلى “اتهامات فساد”، وجميعها أوراق تمثل طعنات للديمقراطيين.

هل يقف الديمقراطيون عاقدي الأذرع على الصدور في مواجهة خطط ترامب؟

بالقطع لا، إذ يبحث مشرعون يحققون في اقتحام مبنى الكابيتول عام 2021 توجيه تهم جنائية لاثنين من حلفاء الرئيس السابق ترامب لرفضهما الإدلاء بشهادتيهما، فضلا عن مطالبة المدعية العامة عن ولاية نيويورك، ليتيثيا جيمس، بمحاسبة ترامب لإخفاقه في تنفيذ أمر قضائي يوجب عليه تسليم وثائق لمساعدتها في تحقيقات مدنية.

الخلاصة.. من هيلاري إلى ترامب.. أمريكا في خطر

About this publication