In Biden’s Middle East Tour, Look for China!

<--

فى زيارة بايدن للمنطقة.. ابحث عن الصين!

لأن التصريحات السعودية السابقة على زيارة بايدن كانت واضحة بخصوص ضخ النفط في الأسواق، فلا يجوز اعتبار زيادة ضخه الهدف من الزيارة. فلا يوجد رئيس أمريكى يُقدم على زيارة خارجية دون أن يعرف مسبقًا السقف الممكن تحقيقه من ورائها.

لذلك فإن الهدف الاستراتيجى لزيارة بايدن كان، في تقديرى، متعلقًا بالصين لا بالنفط. وتصريحاته خلال الزيارة كانت ذات دلالة بالغة تكشف عن حجم الأزمة التي تشعر بها بلاده اليوم. ففى المؤتمر الصحفى الذي عقده مع رئيس الوزراء الإسرائيلى، ثم في القمة التي جمعته بالزعماء العرب، استخدم الرئيس الأمريكى التعبيرات نفسها.

فهو أكد أن أمريكا «باقية» في المنطقة لأنها «لن ترحل فتترك فراغًا تملؤه الصين أو روسيا أو إيران». ورغم أن بايدن ذكر روسيا وإيران مع الصين في العبارة المكررة، إلا أن المتابع عن كثب للشأن الأمريكى يدرك بوضوح أن الصين هي المقصد. فليس سرًا أن الولايات المتحدة صارت تعتبر الصين التهديد الاستراتيجى الأول لها.

وفى الحقيقة فإن الصين لا تشكل تهديدًا إلا في حالة ما إذا ما كانت أمريكا تعتبر نفسها إمبراطورية لابد وأن تظل تهيمن على العالم دون منازع، لا مجرد دولة عظمى لها مصالح مثلها مثل دول عظمى أخرى. ومفهوم الفراغ الذي استعمله بايدن هو جوهر ذلك المعنى. ذلك لأن الأقاليم الجغرافية للعالم المأهولة بأصحابها ومصالحهم لا يمكن الإشارة إليها بمنطق المملوء والفارغ إلا إذا كان المقصود هو الهيمنة.

والأزمة التي تعيشها الولايات المتحدة اليوم جوهرها أنها تدرك جيدًا أنها بالمقارنة بنفسها، لا بغيرها، في فترات سابقة في انحسار متسارع. فبينما كانت مستوعبة بالكامل في أفغانستان والعراق وأنفقت المليارات، صعدت الصين حتى صار نفوذها يهدد الهيمنة الأمريكية ليس فقط من الناحية الاقتصادية وإنما، وهو الأهم، تكنولوجيًا.

وإدارة أوباما، التي كان بايدن فيها نائبًا للرئيس، كانت تُعد خططًا للانسحاب من الشرق الأوسط من أجل التركيز على آسيا لمواجهة التحدى الصينى، وهو المسار الذي لم يعارضه ترامب. وكان واضحًا منذ اللحظة الأولى لإدارة بايدن أن التحدى الصينى هو الأولوية القصوى. غير أن الواضح أن مراجعة ما تحقق في الاثنى عشر عامًا الأخيرة أدت لوصول الإدارة لقناعة بأن الانسحاب الأمريكى من أي مكان بالعالم لا يخدم تلك الأولوية القصوى.

والحرب في أوكرانيا كانت درسًا قاسيًا. فقد اكتشفت أمريكا أن روسيا، الأقل قدرة بكثير من الصين، صارت قادرة على تحدى المصالح الأمريكية في قلب أوروبا. ومواقف دول الشرق الأوسط من الحرب كانت أقرب لموقف الصين من الموقف الأمريكى. والصين نفوذها يتمدد حول العالم، بما فيه أمريكا اللاتينية التي طالما اعتبرتها الولايات المتحدة منطقة نفوذ لا يجوز اختراقها.

ما معنى ذلك كله؟ معناه أن الإدارة تهدف للحضور ليس فقط بالشرق الأوسط وإنما في أقاليم العالم المختلفة. ومن هنا فإن السؤال الأهم يتعلق بالمسافة بين ما ترغب فيه الإدارة وما هي قادرة على فعله أصلا. ففى ظل اقتصاد مأزوم ورأى عام منهك من التورط الخارجى ورافض له، إلى أي مدى يمكن لإدارة بايدن، أو غيرها بالمناسبة، أن تفعل ما تتمنى، أي وجود الهيمنة في كل مناطق العالم؟ وهل سيعنى ذلك اختيار وكلاء محليين في كل إقليم أو صناعة محاور استراتيجية تخدمها؟ الأهم من ذلك، ما هو الثمن المستعدة أن تدفعه إدارة بايدن للأطراف المحلية بكل إقليم لتقليص الوجود الصينى بها؟

About this publication