Trump Invokes the Evil Spirit of the Founding Fathers

<--

كيف تكوّنت الولايات المتحدة الأمريكية؟ الإجابة لا يعرفها الأغلبية، رغم أنها مكتوبة ومرسومة في كتب التاريخ والجغرافيا، لكن آلة الدعاية الأمريكية نجحت في إخفاء حقيقة «التكوين» للولايات الخمسين التي انضمت إما بقوة السلاح والاستيلاء أو الإبادة أو الشراء!

ويبدو أنّ دونالد ترامب الرئيس المنتخب -حتى الآن- والرئيس الرسمي بداية من يوم 20 الشهر الجاري، يحاول استدعاء الروح الشريرة للآباء المؤسسين للولايات المتحدة، فيما يتعلق بضم أراضٍ جديدة لأمريكا.

ويكرر قيام الرئيس توماس جيفرسون عام 1803 بشراء ولاية لويزيانا التي كانت تعادل ضعف مساحة أمريكا وقتها بمبلغ 15 مليون دولار، ووقّع الصفقة نابليون بونابرت دون الرجوع للبرلمان الفرنسي.

وما قام به الرئيس جيمس مونرو عام 1819 عندما اشترى فلوريدا من إسبانيا مقابل 5 ملايين دولار بعد أن استولت أمريكا على شرق الولاية في حملة عسكرية، وشراء الرئيس أندرو جونسون ولاية «ألاسكا» من روسيا عام 1867 بمبلغ 7.2 مليون دولار بما يعادل 2 سنت للفدان، في صفقة وُصفت وقتها بالصفقة الحمقاء.

ولكنها الآن هي الولاية الأكثر إدرارا للموارد، وإبرام الرئيس ويلسون صفقة مع الدنمارك بمبلغ 25 مليون دولار عام 1917، امتلكت بموجبها أمريكا عددا من الجزر المعروفة حاليا بجزر العذراء، والموجودة ضمن قائمة جزر الأنتيل الصغرى ما بين بحر الكاريبي والمحيط الأطلسي.

تضمنت هذه المنطقة التي حصلت عليها الولايات المتحدة جزيرة سانت كروا وسانت توماس وسانت جون، إضافة إلى عدد من الجزر الصغيرة الأخرى.

ويعلن ترامب، وعلى نفس النهج، في القرن الواحد والعشرين عن رغبته كرئيس لأمريكا في شراء جزيرة جرينلاند التي تُعد جزءا من الدنمارك -تتمتع بالحكم الذاتي- متعللا بأنها تحتاج أمريكا، وبلاده تعتبرها جزءا من أمنها القومي.

ولكن رئيس وزراء جرينلاند موتي إيجيدي أعلن رفضه لتصريحات ترامب قائلا: «جرينلاند ملكنا.. ونحن لسنا للبيع ولن نكون كذلك أبدا.. ويجب ألا نخسر نضالنا الطويل من أجل الحرية».

كما أفصح ترامب أيضا عن رغبته في ضم كندا واعتبارها الولاية الـ51 لأمريكا!

وفي تصريحات وتغريدة له على موقع (X) قال ترامب إنه يعتزم الاستيلاء على قناة بنما التي تقع في الأراضي البنمية وتربط المحيطين الأطلسي والهندي، بحجة أن بنما تُحصل مبالغ كبيرة من السفن الأمريكية مقابل مرورها بالقناة، وأنه لاحظ أيضا أن الصين تحاول الهيمنة عليها!

وقال إن أمريكا ستسترد القناة مرة أخرى باعتبارها هي التي أنشأتها عام 1914 وظلت تحت ولايتها 85 عاما حتى عام 1999، قبل أن تؤول بعدها لبنما.

وفي رد فعل سريع وقوي علّق رئيس بنما خوسيه راؤول مولينو بقوله: «كل متر مربع في القناة ومحيطها يعود لنا، وإن سيادة بنما واستقلالها غير قابلين للتفاوض».. في حين خرجت مظاهرات أمام سفارة أمريكا ببنما رافضة لتصريحات ترامب.

وإذا كان ترامب يسير على نهج آبائه المؤسسين فيما يتعلق بتوسيع رقعة أمريكا، فإنه يسير عكس اتجاههم في جذب المهاجرين، حيث قامت ونشأت وتوسعت على ظهر وبفضل المهاجرين من كل أنحاء العالم.

وتؤكد ذلك أبيات الشعر المحفورة على قاعدة تمثال الحرية -الذي صنعه نحات فرنسي- حيث تقول الأبيات للشاعرة الأمريكية «إيما لازاروس» ضمن قصيدة كتبتها في القرن التاسع عشر:

«هلموا إليّ أيها المتعبون والفقراء..

والجموع الحاشدة التواقة إلى استنشاق الحرية..

والبائسون المهملون الذين يملؤون شطآنكم.

أرسلوا أولئك المشردين الذين تعصف بهم الزوابع إليّ..

فأنا أرفع مصباحي عند البوابة الذهبية».

ولم يكتفِ ترامب بغضِّ بصره عما كان يدعو إليه آباءه المؤسسون بجذب المهاجرين أيا كانت جنسيتهم ومكان مولدهم، بل وجّه المسؤولين في إدارته الجديدة بأن يحرفوا معاني هذه الأبيات المكتوبة من القرن التاسع عشر، ليجعلوها تنصب على المهاجرين القادمين من أوروبا فقط.

فترة ترامب ستكون حبلى بالأحداث والقرارات والتحركات التي ستغير دستور أمريكا ومجري التاريخ والجغرافيا في كل العالم، ويستغل قوة بلاده ونفوذها وسطوتها لتنفيذ مخططه، ولكن هل سينفذ ذلك بالقوة العسكرية؟!

About this publication