أوباما نتنياهو: من يقنع الآخر؟
2012-03-07 |
صوت للمقال 2
| التعليقات
يبدو أن الرئيس الأميركي باراك أوباما في تطلعه إلى ولاية رئاسية جديدة في محنة حقيقية. فالرجل الذي وعد في بداية عهده قبل أكثر من ثلاث سنوات بفتح صفحة جديدة مع إيران وإيجاد حل للقضايا العالقة معها عبر الحوار لم يفشل في ذلك فحسب، بل بات يجد نفسه أمام جملة من الضغوط الداخلية والخارجية وصلت إلى حد اتهامه بالتساهل مع الملف النووي الإيراني.
مع لقاء أوباما نتنياهو الذي وصف بالحاسم لجهة كيفية التعامل مع الملف النووي الإيراني والحديث عن قرب قيام إسرائيل بعملية عسكرية لتدمير المفاعلات النووية الإيرانية يرى أوباما نفسه أمام نوعين من الضغوط:
الأول: ضغط الداخل المتمثل بالجمهوريين الذين يهاجمون أوباما من نافذة الملف النووي الإيراني وإظهاره كرئيس ضعيف لا يقوى على اتخاذ القرار بشأن ذلك الملف، وتعريض الأمن القومي الأميركي للخطر كما يقولون. وبغض النظر عن حقيقة هذا الاتهام ودوافعه فإنه يؤثر في قناعة الناخب الأميركي واتجاهات التصويت في المعركة الانتخابية.
الثاني: ضغط الخارج المتمثل بإسرائيل التي لها نفوذ قوي داخل الولايات المتحدة حيث اللوبي اليهودي ومنظمة الإيباك المتغلغة في مفاصل الحياة الأميركية ونفوذها الانتخابي الواسع في البلاد.
أوباما الذي اتبع خلال عهده إستراتيجية العقوبات التصعيدية مع طهران يجد صعوبة كبيرة في كيفية التوفيق بين خياره السابق ومواجهة الضغوط على شكل معضلة حقيقية، إلا أنه رغم ذلك لم يعدم الوسائل لإقناع نتنياهو بوجهة نظره وإقناعه بمخاطر قيام إسرائيل بضربة عسكرية للمفاعلات النووية الإيرانية على غرار ما جرى للمفاعل النووي العراقي في حزيران 1981، وهنا ثمة من يتحدث عن عوامل قوية بيد أوباما، لعل أهمها:
1- تقدير المؤسسات العسكرية والأمنية والاستخباراتية الأميركية التي تقول إن مسافة الأمان (لصنع إيران قنبلة نووية) ما زالت موجودة، وإن هذه المؤسسات تتابع الأمور لحظة بلحظة، وإن مسألة تخصيب اليورانيوم بنسبة عشرين بالمئة لا يعني بالضرورة قدرة إيران على صنع مثل هذه القنبلة.
2- القناعة الأميركية الرسمية التي تقول إنه حتى لو امتلكت إيران قنبلة نووية فإن واشنطن قادرة على التعامل معها، وهنا ثمة خلاف في وجهتي النظر الأميركية والإسرائيلية، فخلافاً للرؤية الأميركية بالقدرة على التعامل مع قنبلة نووية إيرانية ترى إسرائيل أنها لا تستطيع أو لا تتحمل وجود إيران نووية وإن قدراتها العسكرية غير القدرات الأميركية، وعليه تريد تدمير المفاعلات النووية الإيرانية مسبقاً كي لا تجد نفسها في يوم من الأيام وقد تحول الكابوس إلى حقيقة.
3- أمام المعضلة السابقة، ثمة من بات يتحدث عن (قنبلة البنتاغون) الكفيلة بإقناع أوباما لنتنياهو بوجهة نظره، وتقول المعلومات إن هذه القنبلة المسماة بـGBU -57 ووزنها 13.6 طناً يمكنها أن تخترق إلى عمق 60 متراً تحت الأرض قبل أن تنفجر وتخترق التحصينات الإسمنتية وموجهة بوساطة جي بي س، وهي القنبلة الأولى من نوعها التي يبدو أنها صممت لضرب المفاعلات النووية الإيرانية.
في الواقع، رغم هذه الأوراق فإن الجدل الأميركي الإسرائيلي بشأن ضرب المفاعلات النووية الإيرانية بات أمام مرحلة جديدة، وعليه يمكن القول إن توقيت لقاء أوباما نتنياهو لم يكن من دون دلالات مدروسة أميركياً على الأقل، ولعل أولى هذه الدلالات تلك الرسالة الأميركية التي تقول إن تقدير الاستخبارات الإسرائيلية بشأن الحصانة النووية لإيران قد لا تكون دقيقة، ولكن ماذا لو لم يقتنع نتنياهو بهذه الرؤية ووجد هو الآخر نفسه أمام دوافع شعبية وحزبية وانتخابية والأهم تقديرات أجهزته الاستخباراتية؟ وفي العمق فإن نتنياهو يرى أن أسلوب العقوبات لن يؤدي إلى نتيجة. وهو في كل هذا يفكر بموعد الضربة العسكرية دون أن يعرف أحد كيف ستكون المنطقة في اللحظة التي ستلي هذه الضربة إن حصلت. وفي جميع الأحوال فإنه يرى أنه قادر عبر الضغط والتهويل والتحريض على تحقيق المزيد من المكاسب من الإدارة الأميركية حيث كان خطاب أوباما أمام مؤتمر الإيباك خطاب الاستجداء ونيل الرضى، ليبقى السؤال من يقنع الآخر: أوباما أم نتنياهو؟
خورشيد دلي
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.