ماذا تقصد أمريكا بشرق أوسط جديد؟
محمد إبراهيم فايع – خميس مشيط
خرجت علينا وزيرة خارجية أمريكا كونداليزا رايس لتبشر بأن هناك شرقاً أوسطياً جديداً سيحل في المنطقة، قالتها وكأن المحرقة الإسرائيلية في غزة ولبنان قربان لهذا العنوان الجديد (شرق أوسط جديد).
وتعليقا عليه أقول أنا كمواطن عربي من بين ملايين العرب نشعر بأنه لا مصداقية لأي دور أمريكي في المنطقة وأنها غير نزيهة في إدارة الصراع العربي – الإسرائيلي، وأنها لم تكن عادلة كراعٍ للسلام؛ وذلك لسبب بسيط فهمه الصغير والكبير في عالمنا الكبير لانحيازها الفاضح لإسرائيل ومساندتها لعدوانها على العرب وتبريرها لمجازر إسرائيل ضد الشعب الأعزل في فلسطين وبربريتها النازية في لبنان.
وأمريكا التي تبنت دور المحامي لإسرائيل في وجه كل قرار يدينها يصدر من مجلس الأمن لا يمكنها أن تكون مقنعة لأي عربي في أنها تسعى من أجل تحقيق السلام وبسط الأمن في الشرق الأوسط، أو أنها قدمت لتحقيق الديمقراطية ونحن نرى ونشاهد ما حل بالعراق، فلم نلمس سوى الدمار والقتل اليومي والسيارات المفخخة وجراح نازفة بحق النساء والأطفال، ونلمس ما يدور في أفغانستان رغم تبشيرات بوش أثناء بدايات الحرب بالديمقراطية المثالية والنموذج الذي يجب أن يحتذى!!
إذن ماذا تعني بشارة كونداليزا لنا بشرق أوسط جديد تحاول أمريكا فرضه على دول المنطقة منذ زمن بعيد، فإذا كانت تقصد الإصلاح فالإصلاح يأتي من الداخل من الدول نفسها من حكومات المنطقة، ولا يمكن فرضه عليها، وهذا ما تسعى إليه دول المنطقة ولمسنا آثاره في كثير منها.
أم أنها تسعى إلى تحقيق استراتيجية قديمة قد تقوم على تفتيت دول المنطقة وأن ما يدور من صراع ظاهري بين أمريكا وإيران قد يخفي خلفه ما وراء الأكمة، وستكشف الأعوام القادمة ما هو أخطر، قد يكون فيه النفط عاملاً مهماً في صراعات المنطقة والهيمنة لبعض الدول ومنها إسرائيل، وقد نرى أنفسنا بين قوتين إسرائيلية – إيرانية ولربما أن هذا جزء مما يحاك للمنطقة، وأن ما يدور في لبنان ما هو إلا أحد سيناريوهات الحدث الكبير للشرق الأوسط الجديد ولا يتعلق الأمر بخطف جنود إسرائيليين.
إن مصطلح الشرق الأوسط الجديد ليس جديداً، أطلق منذ مطلع التسعينيات على لسان جورج بوش الأب، وألّفت فيه كتب كان من بينها كتاب يحمل نفس العنوان لشمعون بيريز وصموئيل هنيتغتون صاحب نظرية (صدام الحضارات) كان قد أشار إلى ضرورة إعادة ترتيب خريطة المنطقة، يقصد منطقة الشرق الأوسط، في معرض تناوله لصدام الحضارات، وأن الحضارة الإسلامية هي العدو القادم بعد انهيار الشيوعية، وهذا الموضوع، موضوع الشرق الأوسط، قد تناوله المحافظون المقربون من البيت الأبيض من أمثال ريتشارد بيرل، ولعل ما حدث في السنوات الخمس عشرة الماضية ومن أبرزها غزو العراق والقتل اليومي الذي يجري في فلسطين ومحاصرة إيران التي تسعى للحصول على السلاح الذري، وبروز حماس وحزب الله والحرب الطاحنة الآن في لبنان، ثم صراحة العرب بضياع السلام، كلها تدور في هذه الحلقة التي يفضي بابها نحو ما سمي بشرق أوسط جديد، وكذلك تسميم عرفات وإبعاده عن الساحة، كلها كانت مؤشرات للشرق الموعود على يد بوش الابن.
لعل ما ورد قراءة بسيطة لعربي قرأ الأحداث الجارية وقرأ وسمع ما قيل عنها وحولها، لكن ما يهمني كواحد يسكن هذه المنطقة التي تبشر أمريكا لولادة شرق أوسط جديد فيها هي ما صورة هذا الشرق الجديد؟ وهل نحن متيقظون لما سيدار فيه علينا وليس لنا؟ هل السلام سيكون من مكونات هذا الشرق الأوسط الجديد أم لا، أم ستبرز فيه أحلاف جديدة ولعبة أمريكية غربية قد نجهل تفاصيلها ومنها تصدير الفوضى لمنطقتنا لتزيد من تخبطها الكبير، ومن ثم التفكير في الشرق الأوسط الكبير الذي تكون فيه إسرائيل شرطي المنطقة؟ أم أن الهدف عولمة المنطقة وإلباسها حلة ديمقراطية وحياة بماركة أمريكية بما فيها من ثقافات وعادات تخالف ما ألفناه من عادات وتقاليد ومحاصرة القوى التي تدعو إلى تحرير فلسطين والوصول إلى تسوية من السلام المفروض الذي قد يزيد من حالات التطرف لأنه سيكون سلاما غير عادل.. إلخ.
أسئلة كثيرة تدور في ذهني وربما أنها تدور في أذهان كثيرين، وأنا أراها أسئلة مشروعة، نسأل الله أن يسمعنا الخير في الأيام القادمة ويجنب بلادنا الشرور
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.