كوكلوكس كلان”.. النسخة العراقية
المشهد العراقي الكلي يبدو الآن أكثر قتامة وأشد حلكة من أي وقت مضى، فالوضع الآني في البلاد قاطبة أشبه بعربة تندفع بسرعة جامحة نحو هاوية ليس لها قرار. وليس أدل على خطورة المأزق الحقيقي في العراق من التحذير الذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان أمس لأمريكا من “غطرسة السلطة”، ويستبطن هذا التحذير النادر من عنان مقروءا مع ما رشح من تقرير بيكر، دلالات خفية على تعاظم المخاطر في العراق.
إن تمثل المشهد العراقي يقول إن الموت في العراق يتوزع “كالعطر للسامرين”، عبر السيارات المفخخة التي تحصد أرواح العشرات كل يوم. أما الأخطر من كل ذلك فهو فرق الموت التي تنشر الذعر في بيوت الآمنين، وتسوق الشباب إلى الموت زمرا. ولقد أصبحت هذه الفرق المنظمة، تمثل لحد التطابق النسخة العراقية من المنظمة الإرهابية الأمريكية “كوكلوكس كلان” التي تأسست في أعقاب الحرب الأهلية الأمريكية ولجأت إلى الإرهاب لتحقيق أهدافها، حيث وجهت نشاطها ضد السود واستهدفتهم بالتصفيات الجماعية. وعلى الرغم من إعلان الجيش الأمريكي قيام أفراد من عناصره بمرافقة الشرطة العراقية في عملياتها، إلا أن أعمال تلك المجموعات التصفوية لا تزال قائمة كل يوم.
الشاهد أن أمريكا التي غزت العراق “لجعل العالم أكثر أمنا” وتقديم أنموذج ديموقراطي تستهدي بقبسه المنطقة، لم تحصد في مسعاها خلال أكثر من ثلاثة أعوام إلا الهشيم ولم تجن إلا تالف الثمار. وهاهي الآن تعض أصابع الندم وتبحث عن فرصة في حجم ثقب الإبرة للهرولة من حقول الموت وضربات المقاومة الموجعة.
المطلوب وبصورة ملحة أن تمتثل إدارة بوش لتوصيات تقرير بيكر، وأن تشرع في وضع إطار زمني فعلي لسحب قواتها من العراق وابتداء حوار مباشر مع إيران وسوريا، حيث لم يتبق الكثير من الوقت قبل أن ينهار المعبد فوق رؤوس الأموات والأحياء وتتحول أرض الرافدين إلى أكبر أمثولة في التاريخ المعاصر على يد غزاة عصر التنوير.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.