أوباما والحل الإقلیمي المنشود
التقييم : جيد جداً
21/9/2010
رغم اھتمام جميع الإدارات الأميركية المتعاقبة، بعملية السلام على المسار الفلسطيني منذ إدارة بوش الأب، إلا أن ما يبذل في عهد إدارة أوباما،
يتميز بخصوصية ملفتة بفعل ثلاثة عوامل.
الأول ھو التوقيت، حيث تمارس إدارة أوباما عملية تحد وھي في بداية عهدھا.
والثاني ھو الإلحاح حيث الصبر غير المسبوق للمبعوث الخاص ميتشيل صاحب الرقم القياسي في زيارات الشرق الأوسط، إضافة إلى التورط المباشر
للسيدة ھيلاري التي أنفقت ساعات ثمينة في التقريب، والوساطة والضغط.
والثالث ھو توسيع الدائرة، لتشمل سورية بما يعنيه ذلك من اقتراب أميركي لفكرة الحل الاقليمي سواء بالجملة أو بالتجزئة.
وبوسعنا استنتاج أمر يفترض أن يكون بديهيا في صنع السياسة على مستوى الدولة العظمى، وھو حرص الادارة على الإفادة من كل دروس الفشل
التي منيت بها عملية السلام على مدى عمرھا الطويل، وأول ھذه الدروس ھو ذلك الإھمال المتعمد لسورية رغم رؤية الإدارات المتعاقبة، لمجالات
جدية لو أحسن استخدامها في معالجة الشأن السوري، لتحققت نتائج أفضل بكثير مما تحقق، ولما تحولت عملية المسارات المنعزلة إلى عبء على
السلام وفرص تحقيقه.
ويجب أن لا ننكر أنه في وقت ما، كان عزل المسارات بمثابة اجتهاد يبرر بسهولة التوصل إلى حلول مع كل مسار على حدة، من دون رھن المفاوضات
بنجاح متكامل على المسارات جميعا، فذلك كان يبدو مستحيلا منذ مؤتمر مدريد حتى اوسلو، إلا أن ما حدث عبر ھذه المسيرة الطويلة، أظهر كم
كانت الفكرة ساذجة أو تبسيطية وكم كانت كذلك مؤذية لمشروع السلام وعائقا جوھريا أمام فرص نجاحه.
وليس عيبا أن يتم تفادي تكرار خطأ حدث، إما بفعل سوء تقدير أو بفعل نوايا مبيتة ھدفها إخضاع الآخرين، وليس التوصل معهم إلى حلول بالتراضي
والاتفاق. لقد أظهرت سنوات ما بعد أوسلو، أو حتى ما بعد مدريد أن أيا من أھداف عزل المسارات لم يتحقق، فلا أرغم أصحابها على الخضوع ولا
حدث ذلك التقدم الجوھري الذي يجعل من السلام الدائم والشامل، ھدفا ممكنا لا على المدى المتوسط ولا حتى البعيد.
إن الاتصالات الأميركية مع سورية يفترض أنها تتم في سياق تخطيط مدروس لفتح ملف المفاوضات السورية الاسرائيلية وليس لمجرد الحفاظ على
شعرة معاوية.. وبمنطق “لنطمئن السوريين بأنهم على البال..”.
إن اختبار جدية السعي الأميركي للسلام وضمان جدوى ھذا السعي، يتحدد على ضوء ما يتخذ من ترتيبات أميركية لانجاز سلام اقليمي متكامل لا
يستثني أي طرف، كما يتحدد من خلال استخدام الوقت بصورة فعالة إضافة إلى بديهية حتمية المجازفة الأميركية بالضغط على إسرائيل، كي تتعاون
في تنفيذ سيناريوھات الحل الاقليمي الذي إن لم ينجز في عهد أوباما فلن ينجز في أي عهد آخر.
إن درجة التشاؤم حول جدوى الجهد الأميركي المكثف المتجه إلى ھذا النوع من الحلول تبدو عالية على الصعد الرسمية وواسعة وعميقة على
الصعيد الشعبي، ورغم ذلك فإن إدارة أوباما التي أخذت على عاتقها اقتحام الموانع الصعبة سواء في الوضع الداخلي الأميركي أو العلاقات مع الدول
الأخرى، يجب أن لا تنكفئ على ذاتها أمام حواجز سلام الشرق الأوسط، فلقد فعلها كلينتون حين نظم مؤتمر كامب ديفيد في الأيام الأخيرة من عهده
فغادر البيت الأبيض يائسا.
وفعلها جورج بوش الابن، حين اندفع بقوة نحو ترتيبات سلمية قال حينها إن لله سبحانه وتعالى أمره بها، وحين تكشفت العقبات نسي الأمر ولم
يتذكره إلا في آخر عهده عبر مؤتمر رفع العتب الذي سمي انابوليس، أما أوباما الذي بدأ متفائلا وراوح بين الرغبة والامكانيات وتراجع على نحو ملحوظ،
فيبدو أنه جاھز للمواصلة، وعليه أن يدرك بصورة أكثر جلاء بأنه يحتاج إلى جاھزية إسرائيلية موازية بعد كل ھذا الدعم المحرج من جانب الفلسطينيين
والعرب.
*عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية
نبیل عمرو
جریدة الغد – أوباما والحل الإقلیمي المنشود http://www.alghad.com/print.html
1
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.