The NATO Summit and the Threshold of World War III

<--

شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن الأسبوع الماضي القمة الأكثر إثارة للاهتمام في تاريخ اجتماعات الناتو. ففي القمة التي عُقدت على خلفية الحرب الأوكرانية الروسية، كان لدى تركيا صاحبة ثاني أكبر قوة عسكرية في الحلف، في الواقع بعض القضايا الأخرى ذات الأولوية. وعلى رأس تلك القضايا ما يقوم به الكيان الإسرائيلي من أعمال الإبادة الجماعية ضد غزة منذ 10 أشهر بدعم من أمريكا وأوروبا من ناحية، ومن ناحية أخرى الدعم الأمريكي المفتوح للمنظمات الإرهابية ضد تركيا في شمال سوريا. وفي الحقيقة يمثل هذا الوضع قضية توتر خطيرة بين تركيا وأمريكا، وهذا يعني أن أكبر عضوين في الحلف متعارضان تمامًا في العديد من القضايا، ومع ذلك يظلان متحدين داخل الحلف.

ومن المعلوم أن ميثاق الناتو ينص على أنه عندما تتعرض إحدى الدول الأعضاء في الناتو لهجوم من أي ناحية، فإنه يعتبر هجومًا على جميع الدول الأخرى في الحلف، فجميع الدول الأعضاء في الناتو تبقى مُلزمة بحماية ذلك العضو مما يتعرض له. ومع ذلك، فإن أمريكا نفسها تشكل تهديدًا لتركيا، ناهيك عن ضرورة التزامها بالتضامن مع تركيا ضد أي هجوم ضدها. من الواضح أن دعم أمريكا لحزب الاتحاد الديمقراطي المتفرع عن حزب العمال الكردستاني، الذي تم إعلانه منظمة إرهابية في شمال سوريا، يُعدُّ نشاطًا هجوميًّا ضد تركيا وقبل كل شيء يعد انتهاكًا لميثاق حلف الناتو. ومع ذلك تتجاهل أمريكا جميع تحذيرات تركيا وتستمر في أنشطتها دون مبالاة.

وقد أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرة أخرى في الاجتماع الذي شارك فيه في العاصمة واشنطن عن هذه النقطة علنًا وبتحدٍّ واضح، فقال: «الذين يعتقدون أن بإمكانهم إقامة دولة إرهابية في منطقتنا، يجرون خلف الأحلام التي لن تتحقق أبدًا».

وأضاف أردوغان: إن مسألة الإرهاب نوقشت مرارًا في اجتماعات الناتو باعتبارها واحدة من أهم المشاكل العالمية في هذا العصر. وأكد على أن تركيا قدمت بصدق كل ما لديها من إمكانات في هذا الصدد. وأن الدولة التركية قد اضطلعت بمهمة محاربة المنظمات الإرهابية دون أي تمييز بينها، وهذا يظهر بوضوح في أرض الواقع. ولا تزال تتوقع من حلفائها في الناتو أن يتبنوا نهجًا مماثلًا في مضمار مكافحة الإرهاب، لكن الوضع كما قال أردوغان: «للأسف لم نتلق حتى الآن المستوى المتوقع من الدعم والتضامن من حلفائنا».

وإلى جانب ذلك الانتقاد للسياسات الأمريكية من تركيا، فإنها تظل أيضًا الدولة الوحيدة في الناتو التي لديها علاقات مختلفة وقائمة على الحوار مع روسيا. حيث تعارض تركيا أيضًا سياسات التوسع الاستفزازية التي ينتهجها حلف الناتو ضد روسيا وتدعو إلى السلام بدلًا من الحرب، والحوار بديلًا للتمزق.

وفي هذا الوضع المليء بالخلافات والاختلافات تتميز تركيا بأنها الدولة الوحيدة في الناتو التي لديها مساحة من الحوار مع روسيا، ويتأكد ذلك من دور تركيا في إجراء الاتصالات اللازمة لحلف الناتو مع روسيا. والحقيقة أن تركيا تقوم بذلك الدور على خير وجه لتبقي قناة السلام مفتوحة ولتجنب اشتعال الصراع الذي سينال الجميع منه نصيبًا. فأمريكا تجر المنطقة إلى بيئة حرب باستخدام الناتو مما سيضر بدول المنطقة وأوروبا، وقبل كل شيء سيضر بالإنسانية كلها. ولهذا من الضروري التصدي لذلك والوفاء بمهمة السلام للمحافظة على المنطقة والعالم.

ولكن بالنظر إلى قمة الناتو هذه نجد أنها أسفرت عن قرار من شأنه أن يثير المزيد من العداء ويفتح أبواب الحرب. حيث تم التركيز على اندماج أوكرانيا في المعسكر الغربي وحصولها على عضوية الناتو. إلى جانب وعود بمساعدات بمليارات الدولارات من المساعدات. وهذا يعني بوضوح التضحية بالشعب الأوكراني من أجل الضغط على روسيا وإضعافها. إضافة إلى أن تلك التضحيات لن تقتصر على الشعب الأوكراني؛ فهناك مخاوف وقلق شديد بين الناس بالتزامن مع انعقاد هذه القمة، أن العالم يقترب من حرب عالمية ثالثة. وهذا بالضبط ما أشار إليه وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أثناء مقابلة صحفية مع إحدى الصحف، إذ صرَّح بأننا نقترب من الحرب العالمية الثالثة.

والخلاصة أنه على الإنسانية العودة إلى وعيها كي لا نتحول جميعًا لمنظمات عسكرية تؤجج الصراع وتسير نحو نهاية مأساوية للعالم. حفظنا الله وألهمنا الرشد.

About this publication