Six Years of Resistance

<--

ست سنوات من المقاومة

ffست سنوات من المقاومةfff

رأي القدس

يكمل الاحتلال الامريكي للعراق اليوم عامه السادس، دون ان تتحسن الأوضاع بطريقة تحقق لأكثر من خمسة وعشرين مليون عراقي الحد الأدنى من الأمن والاستقرار اللذين وعد بهما الحكام الجدد وأسيادهم في واشنطن.

الرئيس الامريكي الجديد باراك اوباما ‘بشّر’ العراقيين بأن الثمانية عشر شهراً المقبلة ستكون صعبة وحافلة بالعنف والاضطرابات، وذلك اثناء زيارته الخاطفة، وغير المعلنة مسبقاً لبغداد. الامر الذي يعني المزيد من الدماء والقتل والتهجير.

العراق كان دولة مستقرة، ترتكز الى قاعدة علمية قوية، ومكانة استراتيجية معترف بها في المنطقة بأسرها، الأمر الذي وضعه في دائرة الاستهداف الامريكي بشكل عام والاسرائيلي بشكل خاص.

الرئيس العراقي الراحل صدام حسين كان باستطاعته ان يقبل العروض المغرية بمغادرة البلاد الى منفى آمن ومعه افراد أسرته، ولكن كرامته أبت عليه الانسحاب وترك بلاده فريسة للأمريكان ورجالهم، وقرر البقاء، والانحياز الى صفوف المقاومة، وتحمل كل التبعات المترتبة على ذلك فداء للعراق العظيم.

اطلقوا على الغزو تسميات مضللة مثل ‘التحرير’، ووعدوا العراقيين بالرخاء والازدهار، ولكن ذكرى ‘التحرير’ تمر دون ان يحتفل بها، او حتى يتذكرها احد، لأن هذا اليوم ارتبط في اذهان معظم العراقيين باستشهاد اكثر من مليون ونصف المليون عراقي، وتشريد اكثر من ثلاثة ملايين آخرين.

عندما يترحم ابناء العراق على ايام النظام العراقي السابق، ويعبرون عن حنينهم اليه عبر شاشات التلفزة الأجنبية، وخاصة محطة الـ’بي. بي. سي’ البريطانية، فهذا يلخص حقيقة الاوضاع الحالية في العراق، ومشاعر المواطن العراقي المطحون تجاه الاحتلال ومن وصلوا الى سدة الحكم بفضل دباباته.

العراق الجديد اصبح مقبرة جماعية لأبناء العراق، الاحياء منهم والأموات، فالحاضر كابوس مرعب، عناوينه السيارات المفخخة، وانعدام الخدمات الأساسية من امن ومياه وكهرباء وتعليم وطبابة ووظائف. عراق بلا علماء ولا مبدعين، وانما مجموعة من المنافقين الذين يطبلون للاحتلال ورجالاته.

الشعب العراقي الكريم عفيف النفس، المعروف برجولته وشهامته وكبريائه الوطني هو الخاسر الأكبر، بينما الرابحون حفنة معدودة من المحسوبين عليه الذين نهبوا ثرواته، وهرّبوا امـواله الى الخارج لكي يتنعموا بها وأسرهم. مجموعة صغيرة بــاعت ضميرها الــوطني للاحتلال واعــداء العــراق مقــابل مليارات ســرقتها من عرق الكادحين، ودموع الأرامل وأبنائهم اليتامى.

نترحم على ‘العراق القديم’ رغم تسليمنا بكل التحفظات على تجاوزات حكامه وانتهاكاتهم لحقوق الانسان، ليس لأنه الأفضل، وانما لأن ‘العراق الجديد’ غارق في السوء والفساد وانعدام قيمة الانسان نفسه، ناهيك عن ضياع حقوقه.

سيظل هناك من يدافع عن حكام بغداد الجدد، سواء بسبب كراهية النظام القديم، او لاستفادة مادية او وظيفية، او انطلاقاً من أحقاد طائفية مريضة، بينما سيتوارى بعض من المدافعين عن العراق القديم خوفاً، او ايثاراً للسلامة، ولكن الحقائق ستظل ناصعة، من الصعب اخفاؤها.

الشعب العراقي تعرض لأكبر خديعة في تاريخه، القديم منه والحديث، ويكفيه شرفاً ان مقاومته الصلبة، نقطة الضوء الأبرز في حاضره، استطاعت ان تهزم المشروع الامريكي، وتحول ‘التحرير’ المزعوم الى كابوس للمحتلين، وتجعل من الاحتلال الأكثر كلفة في تاريخ الامبراطوريات، وعندما يقرر الرئيس اوباما سحب قواته من العراق بعد عام ونصف العام، فذلك ليس حباً في العراقيين، وحرصاً عليهم، وانما اعترافاً بالهزيمة، ورغبة في تقليص الخسائر.

About this publication