Why Does Netanyahu Reject Obama’s Overtures?

<--

لماذا يرفض نتنياهو مبادرة أوباما؟

Publication_date:

الأحد إبريل 12 2009

المؤلف:

عصام نعمان

برّر باراك أوباما إطلالته على عالم الإسلام من منصة أنقرة واسطنبول بأن تركيا “ليست مكان الفصل بين الشرق والغرب، بل هي مكان التقائهما”.

فلسطين، أرضاً وهويةً، جزء من الشرق بكل أديانه وأممه وحضاراته وتقاليده وطقوسه. لكن، ماذا عن إسرائيل؟

انها شرق من حيث الموقع. لكنها ليست غرباً من حيث الهوية والانتماء؟

غالبية المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة تريدها جزءاً من الغرب وتعبيراً عنه ونموذجاً له وذراعاً. هكذا تصرفت مذّ زرعها الغرب الأوروبي والأمريكي بين ظهراني العرب، بالتدريج وعلى مراحل، سحابة القرن الماضي، إلى ان انتهت سلطتها مطلعَ شباط الماضي إلى غلاة اليمين المتطرف من الاشكيناز الأوروبيين والسفارديم الشرقيين. لكنها اليوم تقف على مفترق مصيري، بل إن شطراً منها يجرؤ اليوم على الجهر بأنه ليس جزءاً من الغرب الأمريكي.

ففي أنقرة واسطنبول أكد أوباما بأن بلاده “ليست في حرب مع الإسلام”، وبرر بصورة غير مباشرة اختياره تركيا شرفةً لإطلالته على عالم الإسلام وقضاياه ومشاكله العالقة مع أمريكا بقوله: “إن الولايات المتحدة وتركيا تستطيعان مساعدة الفلسطينيين والإسرائيليين. يجب أن نعمل على بناء الثقة وألاّ نستسلم لغياب الأمل. وأن نعمل على ذلك مع جميع الأطراف من خلال دعم المحادثات بين سوريا وإسرائيل.

من هذا الموقف المبدئي انتقل أوباما إلى التفصيل والتوضيح فشدد على دعم إدارته” لحل الدولتين… وسنعمل مع تركيا لتحقيق هذا الهدف وسأتابعه بشكل نشط كرئيس للولايات المتحدة من منطلق الالتزام باتفاقات اوسلو وخريطة الطريق ومقررات أنابولس، وعلى الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني ان يلتزما بالتعهدات التي قطعاها على نفسيهما لإحداث التقدم تجاه سلام دائم”.

وفي لقاء مع طلاب من مختلف جامعات تركيا ألقى أوباما مزيداً من الضوء على طريقة مقاربته لإنهاء الصراع في فلسطين بقوله “إن الفرضية القائلة في العالم الإسلامي إن إسرائيل مسؤولة عن كل شيء تفتقر إلى التوازن لأن هناك وجهين في كل نزاع”، مستدركاً أن “هذا لا يعني أيضاً أن أحد الأطراف ارتكب خطأ وينبغي عدم إدانته”. وفي رسالة إلى الإسرائيليين، أضاف: “أقول الأمر نفسه لأصدقائي اليهود: عليكم أيضاً أن تأخذوا الرأي الفلسطيني في الاعتبار. حاولوا أن تضعوا أنفسكم مكان الغير”.

كيف يمكن تحقيق هذا كله؟

يجيب أوباما: “على الجانبين تقديم تنازلات. ما نحتاج إليه الآن هو إرادة سياسية وشجاعة”.

يبدو أن أحداً من الجانب العربي الرسمي علّق على مسألة التنازلات المتبادلة. بالعكس، الكل رحب بمبادرة أوباما دونما تحفظ، في المقابل، قال وزير البيئة الإسرائيلي جلعاد اردان القريب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن إسرائيل” لا تتلقى أوامرها من الرئيس الأمريكي. فالإسرائيليون، عبر التصويت لبنيامين نتنياهو، قرروا ألاّ يكونوا الولاية الحادية والخمسين للولايات المتحدة”.

كلام اردان يفصح عن أمرين: الأول، أن حكومة نتنياهو ليست في صدد الموافقة على حل الدولتين وخريطة الطريق ومقررات انابولس، أي أنها غير موافقة على تقديم أي تنازلات كما يطلب الرئيس الأمريكي. الثاني، إن إسرائيل هي في الواقع الولاية الأمريكية الحادية والخمسين، وإن الإسرائيليين صوتوا في الانتخابات الأخيرة لإخراجها من هذا الوضع.

بصرف النظر عن التنازلات التي سيطلبها أوباما من إسرائيل، فإن سؤالاً واقعياً ينهض بإلحاح: هل تستطيع إسرائيل الخروج فعلاً من حضن أمريكا ناهيك بالاستقلال عنها؟

الجواب البديهي: كلا، لألف سبب سياسي واقتصادي وعسكري وثقافي. ذلك أن ما قاله اردان، بما هو معبّر عن تفكير نتنياهو، يشي بحقيقة أخرى هي رفض إسرائيل تقديم أي تنازلات يطلبها أوباما من دون اضطرارها إلى الخروج من حضن أمريكا وبالتالي استمرار معاملة هذه الأخيرة لها وكأنها الولاية الحادية والخمسون.

كيف؟

* أولا، باعتمادها على مخزون نفوذها الواسع والمتشعب في الشبكة الحاكمة في الولايات المتحدة والحزبين الديمقراطي والجمهوري وسائر القطاعات السياسية والاقتصادية ولاسيما مؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني الأمريكي.

* ثانيا، بافتعالها أجواء اضطرابات وربما حروب محدودة داخل فلسطين المحتلة نفسها أو في جوارها الجغرافي، ولاسيما في لبنان وسوريا، يكون من شأنها تعطيل مبادرة أوباما وانصراف الولايات المتحدة وغيرها من الأطراف الدولية والإقليمية إلى معالجة تداعيات الاضطرابات والاعتداءات وربما الحروب المفتعلة.

* ثالثا، بالإصرار على مطالبة الجانب الفلسطيني بتنازلات لا يستطيع تقديمها، او لا يستطيع الجانب الناهض بالمقاومة ومن يسانده عربياً وإسلامياً، الموافقة على تقديمها. ذلك يؤدي، بالتناغم مع جهود اللوبي اليهودي داخل أمريكا، إلى تطويق مبادرة أوباما وربما إلى تحميل الفلسطينيين مسؤولية تفشيلها. أليس هذا ما حدث تماما في محادثات “كامب ديفيد” بين الرئيس بيل كلينتون وياسر عرفات وايهود باراك إذ جرت مطالبة الزعيم الفلسطيني بتنازلات، لاسيما لجهة القدس الشريف، لا يستطيع تقديمها، فكان ان جرى تحميله مسؤولية فشل مبادرة الرئيس الأمريكي؟

لقد رفضت إسرائيل دائما تسوية قضية الصراع العربي- الإسرائيلي على غير شروطها ونجحت في تعطيل جميع المبادرات، الأمريكية وغير الأمريكية، وذلك باستثمار العوامل والمناورات التي سبق بيانها، كما بالاستناد إلى واقع ما زال قائماً وهو اختلال موازين القوى الإقليمية لمصلحتها.

هذا الاختلال ما زال قائما، وباستمراره لا سبيل إلى زحزحة إسرائيل عن مواقفها ومواقعها الحالية.

كيف يمكن معالجة هذا الاختلال وتعطيل فاعليته؟

لا وجود لدولة في المشرق العربي تلتزم، كما في عهد جمال عبد الناصر، بناء نفسها وتطويرها لتتحول قوةً إقليمية مركزية قادرة على ممارسة فعل المواجهة الحقيقية. كما لا وجود لقطب دولي، كما في زمن الاتحاد السوفييتي والحرب الباردة، قادر وراغب في تسليح الدولة العربية العاملة من أجل التحول إلى قوة إقليمية مركزية مقتدرة.

في ضوء هذه الحقيقة، تصبح المقاومة الخيار الوحيد، وهي خيار فاعل وواعد. ذلك أن تجربة المقاومة الفلسطينية، وآخرها تجربة دحر الجانب الإسرائيلي في غزة، ومن قبلها تجربة المقاومة اللبنانية (حزب الله) وانتصارها على إسرائيل (2006)، هما تجربتان ناطقتان بفعالية خيار المقاومة وصحة، بل ضرورة، المراهنة عليه في الحاضر والمستقبل المنظور.

ومن يشك في فعالية خيار المقاومة، فليقرأ تقريراً نشرته “واشنطن بوست” بتاريخ 6/4/2009 حول دراسة لوزارة الدفاع الأمريكية عن دروس حرب 2006 ونتائجها الكارثية على الجيش الإسرائيلي.

بالمقاومة المستمرة والمتصاعدة يمكن زعزعة الوضع الإسرائيلي الداخلي بعيداً عن دول الجوار، لاسيما سوريا، الساعية إلى بناء نفسها وتطوير قدراتها الذاتية، الاقتصادية والعسكرية. وبالتنسيق والتعاون بين هذين الخطين، المقاومة وبناء القدرات الذاتية، يمكن تعديل موازين القوى الإقليمية.

عصام نعمان

الحقوق محفوظة للقدس المحدودة © 2009

About this publication