Tailoring Human Rights

<--

انضمت الولايات المتحدة إلي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في بداية هذا العام،‮ ‬رغم أن المجلس أنشئ قبل ثلاث سنوات‮. ‬لكن البداية لا تبشر بموقف أمريكي عادل أو حتي متوازن،‮ ‬رغم أن الأمريكيين لا‮ ‬يكفون عن الحديث عن حقوق الإنسان والحفاظ علي هذه الحقوق،‮ ‬ويطالبون‮ ‬غيرهم في شتي بقاع الأرض بحماية هذه الحقوق‮. ‬بصراحة البداية كفر كما‮ ‬يتندر المصريون‮.. ‬كفر بأن الأمريكيين حريصون بالفعل علي حقوق الإنسان،‮ ‬إنما‮ ‬يستخدمون حقوق الإنسان مجرد ورقة فقط للضغط علي بعض الدول والحكومات للحصول منها علي تنازلات في موضوعات وقضايا لا علاقة لها بحقوق الإنسان،‮ ‬أو لإجبارها علي اتخاذ مواقف أو القيام بأعمال ترفض القيام بها‮.‬

فعندما ناقش المجلس تقرير القاضي جولد ستون الذي‮ ‬يتهم فيه إسرائيل بارتكاب جرائم حرب خلال العدوان الوحشي الذي قامت به علي‮ ‬غزة في نهاية العام الماضي واستمر لأكثر من ثلاثة أسابيع،‮ ‬رفض مايكل بوستر مساعد وزير الخارجية الأمريكي طلبا أو اقتراحًا عربيًا بإحالة هذا التقرير إلي مجلس الأمن،‮ ‬رغم أن التقرير‮ ‬يتضمن أيضًا اتهامات لحركة حماس لأنها قامت‮ ‬يقصف المدنيين في المدن الإسرائيلية بصواريخها‮.‬

وياليت الأمر اقتصر علي ذلك فقط،‮ ‬إنما هاجم مساعد وزير الخارجية الأمريكية التقرير ووصفه بأنه‮ “‬معيب للغاية‮” ‬لماذا؟ لأنه هكذا تساوي علي الصعيد الأخلاقي بين إسرائيل الدولة الديمقراطية التي من حقها الدفاع عن نفسها وحركة حماس التي ردت علي انسحاب إسرائيل من‮ ‬غزة بترهيب المدنيين في جنوبها‮!‬

وهكذا‮.. ‬تتقدم واشنطن مرة أخري مجددًا لحماية إسرائيل ومنع محاسبتها دوليًا علي جرائم بشعة ارتكبتها ضد أهل‮ ‬غزة،‮ ‬حينما استهدفت الأطفال بصواريخها والمزارع بجرافاتها والمساكن بقنابلها وتركت نصف مزارع‮ ‬غزة مدمرة بعد نحو ثلاثة أسابيع من القصف الذي لا‮ ‬يتوقف صباحًا ومساء،‮ ‬ونحو ‮ ‬20 ٪‮ ‬من سكان‮ ‬غزة مشردون لا‮ ‬يجدون مأوي سوي الشوارع المدمرة‮!.. ‬ولعل ذلك‮ ‬يفسر لنا لماذا صمت الرئيس أوباما علي هذا العدوان الوحشي علي‮ ‬غزة رغم أنه كان قد انتخب رئيسًا للولايات المتحدة وقتها ورغم أنه كان‮ ‬يبشرنا وقتها بموقف أخلاقي مختلف عن مواقف سلفه بوش‮ ‬غير الأخلاقية وعندما حوصر من قبل الصحفيين مطالبين بموقف فهرب بذكاء بدعوي أن هناك رئيساً‮ ‬حالياً‮ ‬واحدا للولايات المتحدة وهو جورج بوش ولا‮ ‬يصح أن‮ ‬يتكلم في وجوده ولم‮ ‬يتم تنصيبه بعد لدخول البيت الأبيض‮!‬

إنه الانحياز الأمريكي السافر المستمر لإسرائيل والحماية الدائمة التي تسبغها واشنطن عليها وإن اختلف الرؤساء الأمريكيون أو اختلفت رؤاهم ومواقفهم حتي وإن اختلفت بشرتهم أيضًا‮!‬

أما ما طلبه مساعد وزير الخارجية من الإسرائيليين فإنه لا‮ ‬يكفي لتغطية هذا الانحياز الأمريكي السافر لإسرائيل‮. ‬ما معني أن‮ ‬يطلب بوستر من حكومة نتانياهو التي تري في التعامل بوحشية مع الفلسطينيين فريضة مقدسة،‮ ‬ما أسماه استخدام المراجعة المحلية المناسبة وآليات المحاسبة الجادة للتحقيق والمتابعة بشأن مزاعم ذات مصداقية كما‮ ‬يقول؟‮!.. ‬هل‮ ‬يتوقع مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية أن تستجيب حكومة نتانياهو لطلبه وتقوم بهذه المراجعات القضائية وهذه التحقيقات بشكل صحيح ومنصف كما‮ ‬يقول لبناء إجراءات مهمة للثقة من شأنها أن تدعم الهدف الأساسي الأكبر وهو البحث المشترك عن العدالة والسلام الدائم؟‮!.. ‬إن الإسرائيليين لا‮ ‬يهمهم بناء ثقة ولا‮ ‬يهمهم هذا الهدف الأساسي الأكبر في البحث عن العدالة والسلام الدائم،‮ ‬وقد بدا ذلك واضحًا في رفضهم لطلب رئيسه بتجميد الاستيطان لفترة زمنية مؤقتة‮.‬

أعتقد أن هذا الموقف الأمريكي‮ ‬يحثنا علي أن نراجع حجم تفاؤلنا الذي أثارته فينا كلمات الرئيس الأمريكي في جامعة القاهرة،‮ ‬حتي لا تكون صدمتنا في إدارته كبيرة مستقبلاً‮.‬

About this publication