نوبل للنوايا الحسنة !
مثل سفراء النوايا الحسنة الذين يمثلون المنظمات الدولية، للترويج لأنشطتها، خاصة الخيرية منها، فاجأنا المسئولون عن جائزة نوبل للسلام باعتماد نفس النهج، باختيار الرئيس الأمريكي باراك أوباما لنيل الجائزة ليس عن إنجازاته، وإنما عن النوايا الحسنة التي وعد بالقيام بها !
صحيح أن جوائز نوبل خاصة للسلام هي الأكثر إثارة للجدل دومًا من بين بقية الجوائز الأخري، وتتدخل فيها عوامل سياسية عديدة، لكن فوز أوباما بها هو الأكثر جدلا علي مدار تاريخ الجائزة الذي يعود إلي عام 1901 لدرجة أن الصحفيين الذين حضروا مؤتمر إعلان اسم الفائز هذا العام نزل عليهم الخبر كالصاعقة، وهو نفس الشعور الذي ساد كل أنحاء العالم تقريبا بما في ذلك أوباما نفسه الذي قال إنه لا يستحق الجائزة .
ولم تتوقف الانتقادات اللاذعة منذ لحظة الإعلان حتي كتابة هذا المقال لدرجة أن البعض وصفها بجائزة نوبل للكلام في إشارة إلي أن الرئيس الأمريكي الذي تولي مهام منصبه رسميا في العشرين من يناير الماضي لم يقدم للعالم أكثر من الكلام .. وهذا صحيح .
فأوباما الذي تعهد في حملته الانتخابية بسحب القوات الأمريكية من العراق وإغلاق معتقل جوانتانامو سيئ السمعة، ومد جسور الحوار مع العالم الإسلامي، وحل قضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي، والانتصار علي ما يسميه الحرب علي الإرهاب في أفغانستان لم ينجز أيا من هذه الملفات حتي لحظة إعلان فوزه بنوبل .
لكن أوباما بالتأكيد خلق حالة عالمية جديدة، فهو أول رئيس في العالم يعتمد علي العلاقات العامة بشكل كبير حتي قبل أن يصبح رئيسًا، وتحول من مجرد مرشح للرئاسة الأمريكية العام الماضي إلي شخصية كونية، مثل نجوم السينما يحرص الناس في كل أنحاء المعمورة علي مشاهدته أينما حل والتقاط صورة معه، والحصول علي توقيعه !
وقد يكون أوباما جادًا في تغيير صورة بلاده في العالم، ويتحلي بالكثير من الإيمان لنشر حالة سلام عالمية غير مسبوقة، ويؤمن بلغة الحوار بدلاً من لغة البارود، لكن حتي هذه اللحظة لم يظهر أي كرامة، ولم يقدم للعالم سوي الكثير من النوايا الحسنة .. وهو الأمر الذي يستدعي منحه لقب سفير نوبل للنوايا الحسنة !
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.