اقر مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة مشروع قانون يقضي بمراقبة بعض وسائل الاعلام العربية وخاصة القنوات الفضائية “إذا رأت واشنطن ومن خلفها إسرائيل أن تلك القنوات الفضائية تبث محتوى يتعارض مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة”.
والغريب ان الخطوة التشريعية الامريكية التي لم يعارضها سوى ثلاثة اعضاء في مجلس النواب تأتي بعد ان استطاع الرئيس الامريكي فتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي والعربي ورسم خطوط جديدة للعلاقة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وليس الفرص وخاصة ما جاء في خطابه في جامعة القاهرة.
لاحظوا الولايات المتحدة الامريكية التي تدعي الدفاع عن حقوق الانسان وحرية الاعلام الحرلا بل تتهم “الارهابيين” اينما كانوا بانهم لا يحترمون الديمقراطية وحقوق الانسان لكنها في الوقت نفسه تمارس عكس قناعاتها لانها تعتبر ان المقياس الاساسي لحرية الاعلام بان لا يمس مصالحها او مصالح اسرائيل.
وهذا تعريف جديد للحرية الاعلامية عجزت عنه اعتى الدكتاتوريات حتى ان الولايات المتحدة وكبار مخططيها نسوا بان لهم وسائل اعلام حكومية امريكية تمول من جيب دافع الضرائب الامريكي ولا يوجد لها بث الا خارج اراضي الولايات المتحدة حيث ان القانون الامريكي يمنع بث تلك الوسائل الامريكية داخل امريكا لان قوانينها لا تسمح بتمويل الخزينة للاعلام الذي يجب ان يكون اعلاما خاصا وليس حكوميا.
والموقعون على تمرير ذلك القانون القمعي يعرفون بان الإعلام الأمريكي والإسرائيلي يصول ويجول بكل حرية في اقاصي الارض ومغربها نتيجة حرية الإعلام وحرية الرأي والتعبير والاعتقاد التي اصبحت مصونة في كل العالم.
لا بل ان الاعلام العربي الفضائي اكثر ديمقراطية من الاعلام الامريكي والاسرائيلي لان الفضائيات العربية لا يمكن الا ان تأخذ الرأي والرأي الاخر فلا يمكن ان تستضيف مسؤولا امريكيا الا امامه مسؤول ايراني وكذلك الامر مع المسؤولين الاسرائيليين الذين اصبحوا وجوها مألوفة في وسائل الاعلام العربية لكن اين وسائل الاعلام الامريكية والاسرائيلية من تلك الحرية, هل يسمحون لمسؤول ايراني او مسؤول من حركة حماس بالتعبير عن رأيه.
للاسف ان التشريع الامريكي الذي سيعطي اوباما حق مراقبة وسائل اعلام عربية مثل فضائيات (المنار – حزب الله والاقصى – حماس والزوراء العراقية) ووضع تقرير عن ادائها خلال ستة اشهر هو بحد ذاته اعتداء على حرية الصحافة والاعلام وحرية التعبير والمعتقد ويعبر عن سياسة ازدواجية المعايير, الاخلاقية والمهنية التي تعاني منها الادراة الامريكية دائما.
ويؤكد تمرير مشروع القانون من مجلس النواب دعاوى منتقدي السياسة الأمريكية في العالم الإسلامي عامة والشرق ألاوسط خاصة بأنها سياسة مزدوجة المعايير, وأن واشنطن تُعلي من مصلحتها ومصلحة إسرائيل على القيم والمبادئ التي تنادي بها في منطقة الشرق الأوسط.
ولم يتوان المشرعون الامريكيون ان يضعوا عقوبات على مالكي الاقمار الصناعية التي تسمح للاعلام “المعادي” باعتبارهم داعمين للارهاب ويحث مشروع القانون الادارة الامريكية بربط مساعداتها المالية لدول الشرق الاوسط بمراقبة تلك الدول لوسائل اعلامها التي يجب ان لا تخترق المصالح الامريكية, منطق غريب.0
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.