رأي الدستور واشنطن مدعوة لترجمة القول الى فعل
تأتي زيارة مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الأمن القومي ، جيمس جونز الى المنطقة ، والتقاؤه الرئيس الفلسطيني ، ورئيس وزراء اسرائيل ، بعد وصول العملية السلمية الى المأزق الحالي ، بسبب اصرار نتنياهو على مواصلة الاستيطان ، ما يوحي بأن واشنطن ، لا تزال ملتزمة بالعمل ، لحل الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين ، وخاصة بعد تأكيدات جونز بأن الرئيس أوباما ، ملتزم بحل الدولتين.
أهمية هذه الزيارة اضافة الى ما ذكرنا ، بأنها تسبق زيارة جورج ميتشيل للمنطقة ، والمقررة في التاسع عشر من الشهر الحالي ، ما يؤكد أنها تمهد الطريق للوسيط الاميركي ، الذي غاب عن المنطقة لفترة طويلة ، بعد اتساع شقة الخلافات بين اسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية ، بسبب رفض حكومة المتطرفين الصهاينة وقف الاستيطان ، كشرط رئيس لاطلاق مفاوضات جديدة ، وفق أسس محددة ، وسقف زمني متفق عليه ، تنتهي بحل الدولتين.
وفي هذا السياق ، فلا بد من التأكيد بترحيب كافة الاطراف ، بالدور الاميركي لحل الصراع ، باعتباره دوراً مهماً ، لا غنى عنه ، لانه يملك كافة مقومات التأثير على عصابات الاحتلال ، فهو القادر بحكم العلاقة الاستراتيجية بين البلدين ، وبحكم المساعدات الكبيرة جدا التي يقدمها لاسرائيل ، ان كانت على المستوى العسكري أو الاقتصادي أو السياسي ، ان يجبر حكومة تل ابيب على تطبيق قرارات الشرعية الدولية ، والانسحاب من كافة الاراضي العربية المحتلة لعام 1967 ، وفي مقدمتها القدس العربية ، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ، وعاصمتها القدس الشريف.
وفي سجل العلاقات بين البلدين أمثلة كثيرة تؤكد ما نقول ، فهذا الرئيس ايزنهاور ، أجبر بن غوريون على الانسحاب من قطاع غزة ، بعد العدوان الثلاثي عام 1956 ، والرئيس بوش الأب ، أجبر اسحق شامير على حضور مؤتمر مدريد ، تحت طائلة وقف ضمانات قروض الاسكان البالغة عشرة مليارات دولار.
ومن هنا ، فالمطلوب من ادارة “اوباما” اذا كانت جادة فعلاً في حل الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي حلاً عادلاً ، أن تترجم أقوالها الى أفعال ، وذلك باتخاذ الاجراءات الفاعلة ، والتي تجبر سلطات الاحتلال على الامتثال للرؤية الدولية ، والقانون الدولي ، بوقف الاستيطان ، والانسحاب الشامل من الاراضي العربية المحتلة الفلسطينية ، والسورية ، واللبنانية ، كشرط وحيد لتحقيق السلام الاقليمي في المنطقة ، وتحريرها من الاحتلال الاسرائيلي ، الذي كان ، ولا يزال السبب الرئيس في حالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة منذ أكثر من ستة عقود.
لقد أكد الاردن ، وعلى لسان جلالة الملك عبدالله الثاني ، أكثر من مرة ، أهمية الدور الاميركي ، وحث الادارة الاميركية ، ان تلتقط اللحظة الحاسمة ، بالدعوة الى مفاوضات جادة ، وفق أسس محددة ، تتنتهي بحل الدولتين ، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الاراضي الفلسطينية المحتلة ، وبحدود 4 حزيران 1967 ، وعاصمتها القدس الشريف ، وعودة اللاجئين ، وفقاً للمرجعيات المعتمدة ، وهذا يذكرنا بأول لقاء لجلالة الملك ، مع الرئيس اوباما ، متحدثاً باسم الأمة كلها ، وهي تجمع على مبادرة السلام ، الكفيلة بانهاء الصراع العربي – الاسرائيلي في المنطقة ، مقابل سلام شامل ودائم.
مجمل القول: ونحن نرحب بعودة الحراك الاميركي الفاعل الى المنطقة ، نتمنى أن تترجم الادارة الاميركية أقوالها ، وشعاراتها البراقة الى عمل ، باتخاذ الاجراءات الفاعلة ، التي من شأنها ان تلزم عصابات الاحتلال بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بالانسحاب من كافة المناطق العربية المحتلة لعام 1967 ، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.. ما دام السلام مصلحة اميركية كما يقول الرئيس اوباما ، وهذا هو السبيل الوحيد لترميم المصداقية الاميركية ، التي تضررت كثيراً في المدة الاخيرة.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.