How Do We Contribute to the Debate in Washington?

<--

لاحظت صحف أميركية رئيسية أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما يتبنى وجهات نظر أميركية جديدة بالنسبة للشرق الأوسط. فمثلا تقول نيويورك تايمز إنّ جملة قالها أوباما تعكس التغيرات في الرؤى الأميركية من “الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني”، وتعكس أنّ الإدارة الأميركية يمكن أن تعمل بقوة لدفع اتفاق سلام قدما. هذه الجملة هي قول أوباما إنّ حل الصراع المتطاول في الشرق الأوسط “حيوي للأمن القومي الأميركي”. وأنّ مثل هذا الصراع “مكلف جدا من حيث الدماء والموارد”، وهو بذلك وبحسب التايمز “يرسم خطا” بين “التطرف” الإسلامي واستهداف الجنود الأميركيين وبين هذا الصراع. وهي تصريحات قريبة مما قاله الجنرال ديفيد بيترايوس، مسؤول القوات الأميركية في المنطقة الوسطى والمشرف على حربي أفغانستان والعراق في أكثر من تصريح مؤخرا.

هذه التصريحات ليست جديدة كليا وسبق لكوندوليزا رايس ومسؤولين آخرين أن قالوها في العام 2006. وقالتها المجموعة الأميركية للدراسات حول العراق المعروفة باسم لجنة بيكر – هاميلتون في العام ذاته. ولكن يوجد الآن اختلاف بين صانعي السياسة الأميركية الخارجية. وبحسب ما تورده دورية “فورين بوليسي” وكذلك “نيويورك تايمز” يمكن الاستنتاج أنّ الجدل يدور حول موضوعين أساسيين، أولهما مدى الرابط بين حل الصراع العربي الإسرائيلي وبين أمن ومصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والعالم. والثاني حول ما الذي يجب عمله إذا ما فشلت المفاوضات غير المباشرة (التي لا يبدو أنّها قد بدأت أو ستبدأ قريبا)؟.

أنصار إسرائيل الأشد التقليديون في إدارات الحزب الديمقراطي، أمثال مارتن إنديك ودينيس روس، يرفضون الربط الكبير بين قضايا الشرق الأوسط، ويرفض روس ومعه جورج ميتشيل فكرة المبادرة الأميركية المتكاملة، بينما يؤيدها مستشار الأمن القومي جيمس جونز.

إسرائيل تشن حملة مضادة عبر أصدقائها في الكونغرس داعية لعدم ممارسة ضغط عليها، مع أنّ ضغطا حقيقيا لا يبدو أنّه بالأفق، ويبدو أنّ المقصود عدم ممارسة أي نقد لحكومة إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو. بالمقابل فإنّ موقفا كالذي أكده الملك عبدالله الثاني، في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، من أنّ أميركا ليست في مأمن من مشكلات المنطقة، يخدم بلا شك الحاجة لزيادة دافعية الرئيس الأميركي للتحرك قدما في عملية السلام.

لقد حقق أوباما انتصارا مهما على المستوى الشخصي والأميركي الداخلي، بإقرار قانون الرعاية الصحية مؤخرا، وأبدى حضورا ناجحا في القمم والاجتماعات الأخيرة حول قضايا الانتشار النووي، وهو يبدو أنّه قد اجتاز مرحلة التأكيد للعالم أنّه مختلف عن سلفه جورج بوش. ولكن الاحتمالات مفتوحة حاليا أن ينجح أصدقاء نتنياهو وحكومته في البيت الأبيض بتثبيت مواقف تقلل من الاهتمام بالعملية التفاوضية ومن دور أميركي مختلف عن السابق، وعن ترك الأمور كما كانت عليه في السنوات السابقة. والأخطر أن تقتنع إدارة أوباما بأنّ المطلوب أي عملية تسوية حتى لو لم تكن جادة، وأن تكون بالضغط على الجانب الفلسطيني والعربي.

إذا كانت السياسة الأميركية إزاء الشرق الأوسط تمر في حالة جدل أميركي داخلي فعلا، وإذا كان أوباما كما جاء في تقارير لنيويورك تايمز غاضبا من عدم تقدم عملية السلام، وإذا كان قد قرر فعلا، كما تشير هذه التقارير، زيادة تركيزه في الأشهر المقبلة على السياسة الخارجية، فإنّ التفاعل الإيجابي يقتضي تبني تحركات وسياسات للتأثير بهذه السياسات والجدل. ومن بين ما يجدر التفكير به عدا النشاط الدبلوماسي العربي المكثف، هو تصعيد التحركات والنشاطات الميدانية الفلسطينية التي تصب في إطار تصعيد المقاومة الشعبية، إضافة لدبلوماسية شعبية عربية من قبل كتاب ومفكرين وسياسيين يوجهون رسائل بطرق مختلفة أنّ حل الموضوع الفلسطيني هو بالفعل قضية مصيرية للسلام الدولي.

About this publication