أعدت الإدارة الأمريكية مشروعًا لقانون عرض علي الكونجرس الأمريكي لمناقشته واقراره.. والمشروع بقانون يضع أقمارًا صناعية وقنوات فضائية عربية علي قائمة الإرهاب بتهمة التحريض علي العنف.. وفي نادي الصحافة الوطني في واشنطن تم تنظيم مؤتمر شارك فيه بعض المهتمين بحقوق الإنسان وبالحريات شاركت فيه نخبة من رجال السياسة من بينهم رمزي كلارك وزير العدل الأمريكي الأسبق الذي قال في كلمته «إن الحكومة الأمريكية بدأت إجراءات عملية لمنع المواطنين الأمريكيين من معلومات عن الشعوب العربية والدين الإسلامي والعقائد والآراء والحكومات والثقافات، وأن الأسوأ من ذلك أن الإدارة الأمريكية تريد استبدال الأكاذيب بالحقائق حسب ما تسميه بالحرب علي الإرهاب».
كما قال الدكتور مايكل جرينا أستاذ بجامعة بتيسبرج الأمريكية «أن القرار لا يستهدف أقمارًا وتليفزيونات فقط وإنما يستهدف أيضا أي دولة فيها محطات أو مكاتب تابعة، لها وأن القرار أو مشروع القانون المعروض علي الكونجرس الأمريكي لإقراره يهدف في الأساس إلي تحقيق أهداف سياسية معينة» والغريب في الأمر أننا لم نسمع صوتًا واحدًا في أي دولة عربية ولم نقرأ كلمة واحدة في كل الصحف العربية عن مشروع القانون الكارثي الذي من شأنه أن يعطي الإدارة الأمريكية حق ملاحقة قنوات فضائية وإعلاميين عرب ومؤسسات صحفية، ومعاملتها معاملة الإرهابيين أو اعتبارهم من الداعمين للإرهاب وهي تهمة ليست قليلة لأنها تفتح المجال لقتل حرية الرأي وحرية الفكر ووضع قيود أمريكية علي الإبداع وعلي العمل الإعلامي بوجه عام وما يستتبع ذلك من توقيع عقوبات متنوعة علي مخالفة القانون الأمريكي الذي تعده الآن الإدارة الأمريكية بما يفسح لها المجال ويزيد من ذرائع تدخلها في الشئون الداخلية للدول وبما يجعل للولايات المتحدة الأمريكية سلطات تفوق ما للأمم المتحدة والمنظمات الدولية وبما يهدر الاتفاقات الدولية التي وقعت عليها الدول ووافقت علي تطبيقها والنص عليها في دساتيرها وتشريعاتها الداخلية ومثال ذلك ما نصت عليه المادة 18 من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية للإنسان والتي تنص علي أن «لكل فرد الحق في حرية الفكر والضمير والديانة».
ونصت المادة «19» من ذات الاتفاقية الملزمة لجميع الدول التي وقعت عليها علي أن «لكل فرد الحق في حرية التعبير وهذا الحق يشمل حرية البحث عن المعلومات أو الأفكار وتبادل الأخبار والمعلومات بشتي الوسائل الإعلامية المكتوبة والمرئية وسواء كان الأمر يتعلق بالقنوات التليفزيونية أو طباعة وتوزيع الصحف من أي نوع واستلامها ونقلها بغض النظر عن الحدود وذلك إما شفاهة أو كتابة أو طباعة وسواء كان ذلك في قالب فني أو بأي وسيلة أخري يختارها ولم ترد في جميع الاتفاقات والمعاهدات الدولية المنظمة لحقوق الإنسان وحرية الرأي والفكرر وسلطة الإعلام ما يقيد هذه الحقوق إلا فيما يتعلق بحماية واحترام حقوق أو سمعة الآخرين أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأخلاق.. وعدا ذلك فإن حرية الرأي وحرية الفكر وتداول المعلومات ونشرها هي حقوق مصونة.. ويكفي القول هنا أن الولايات المتحدة لا تعتدي علي حقوق الغير فحسب ولا علي حقوق الإعلام ولا علي حرية الفكر أو حرية التعبير وإنما انتهكت الولايات المتحدة الأمريكية جميع الاتفاقات الدولية والمعاهدات التي وقعت عليها التزمت بها شأنها شأن جميع الدول الموقعة ومن ذلك الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966 ونصت علي حماية حقوق الإنسان وحماية حق الرأي وحق التعبير عنه ولا قيد علي ذلك سوي ما يتعلق بحماية الأداب العامة والنظام العام في الدول الأعضاء.. أن الأمر ليس سهلاً ولا هينا لأن تتبع المؤسسات الصحفية والصحفيين ووضع رقابة أمريكية في تدخل سافر في الشئون الداخلية للدول هو أمر كان لابد من مواجهته بشتي الطرق والسبل وعلي جميع المستويات الرسمية والشعبية وأن التدخل الأمريكي في شئون الدولة الداخلية أمر مفهوم ومعروفًا إلا أن الموقف العربي والإسلامي من هذا الأمر هو الذي يحتاج إلي تفسير لأنه سكوت بلا مبرر.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.