أثار موقع “ويكيليكس” على الانترنت ضجة كبيرة بعد أن نشر 75 ألف وثيقة سرية عن الحرب في أفغانستان وحوالي 50 ألف وثيقة عن العراق, حيث اعتبر المتحدث باسم البنتاغون أن نشر هذه الوثائق السرية عن الحرب في أفغانستان والعراق بسبب مخاطر للجنود الأمريكيين والمواطنين العراقيين والأفغان, بسبب تعاونهم مع القوات الأمريكية في كلا البلدين.
وقد وصف المتحدث باسم البنتاغون الكولونيل “ديف لابان” التقارير المنشورة بأنها ميدانية وسطحية, ولكنها تكشف أسماء عراقيين يعملون مع القوات الأمريكية. وأضاف أن التسريب يهدد بإحياء الذكريات المتعلقة ببعض الأوقات العصيبة في الحرب, ومن بينها فضيحة سجن أبو غريب.
ومن المرجح أن الوثائق ستكشف عن الخسائر البشرية بين المدنيين العراقيين, ولا يتوقع أن تتضمن تسجيلات صوتية أو صورية “فيديو”.
أما أمين عام حلف الأطلسي “اندرس فوج راسمو سين” فعبر عن رأيه بالقول »أن نشر الوثائق سيكون أمرا مؤسفا للغاية«.
إن نشر بعض الوثائق السرية عن الحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق, من قبل موقع خاص تموله جهات غير حكومية, وبالتالي من موقع غير ربحي له تأثير كبير لدى الرأي العام في العالم, والموقع يموله نشطاء من حقوق الإنسان وصحافيون إفراد من عامة الناس ممن يناهضون الحرب.
إن الوثائق السرية مهما كانت درجة سريتها تؤثر على معنويات الجنود الذين ما زالوا يحاربون خارج بلادهم, وتفضح ممارساتهم ضد سكان البلاد المحليين. فالتقارير الخاصة بالعراق تفيد أن عددا من المدنيين العراقيين قتلوا عند الحواجز الأمريكية, إضافة إلى قتل أعداد منهم في الطرقات العامة, كما حدث في ساحة النسور في بغداد , عندما أطلق أفراد الحماية التابعين ل¯ : »بلاك ووتر« النار على سيارة مدنية وقتلوا حوالي 20 فردا من ركابها. أضف إلى ذلك الانتهاكات الشنيعة التي ارتكبها بعض الجنود ضد المساجين العراقيين في سجن أبو غريب وسجن بوكا وغيرها, إضافة إلى ممارسات التعذيب التي مارسها الجنود العراقيون في السجون الخاصة التابعة لمكتب رئيس الوزراء نوري المالكي بعلم القوات الأمريكية.
من مخاطر نشر هذه الوثائق أنها كشفت أسماء المواطنين العراقيين والأفغان الذين عملوا بخدمة القوات الأمريكية, كمترجمين, أو أدلاء,أي جواسيس على الوطنيين المقاومين للاحتلال عسكريا أو سياسيا, أو الذين يعملون بتزويد القوات المحتلة بالمؤن والأغذية, وكذلك الأفراد أو الشركات التي تقدم خدمات لوجستية لها.
إن هذه الشرائح جميعها ستكون عرضة للمساءلة وربما المطاردة والمحاسبة من قبل منظمات الجهاد والمقاومة,وقد يمتد الحساب إلى خارج البلدين المنكوبين, أي تطال المساءلة والحساب الأفراد العرب والأجانب الذين قدموا خدمات للقوات الأمريكية بكل المستويات, هذا الحساب لن يكون قريبا, وقد يؤجل إلى زمن لاحق.
المهم في نشر هذه الوثائق أنها تمنح كل الذين تضرروا من الاحتلال الأمريكي فرصة لتقديم شكاوى ضدها إلى محكمة الجنايات الدولية, بشكل إفرادي أو بشكل جماعي, ومن واجب منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية العربية أن تضطلع بمثل هذه المهمة الآن وفي المستقبل, لأخذ حقوق الذين ظلموا وأخذت حقوقهم المادية, أو انتهكت حرماتهم, مثل الاغتصاب والتهجير ونهب الأموال.
بقدر ما تكشف مثل هذه الوثائق أسرارا تدين الطرف المعتدي, فان وثائق الأجهزة الأمنية في الوطن العربي في قرار لا يمكن الوصول اليها في أي زمن الآن ولا في المستقبل. لأنها لو كشفت لذهب فيها كثيرون من علية القوم. وبالتالي يظل المظلوم مظلوما حتى الممات, ويظل الظالم مصانا حتى الممات أيضا.
وهكذا يظل تاريخنا محفوظا في سراديب مظلمة, ونأخذه من أرشيف الآخرين,كما إن أحداث التاريخ تكتب كما يشاء أصحاب القرار, أو صانعو القرار. وللأسف نعيب على الآخرين وننسى أنفسنا.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.