البحرين: من يتحدث.. طهران أم واشنطن؟
تقول وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن دول الخليج العربي قد سلكت الطريق الخطأ بتدخلها في البحرين، وذلك بسبب إرسالها قوات درع الجزيرة الخليجية لحفظ الأمن هناك، وتطالب الوزيرة الأميركية الحكومة البحرينية بضرورة التحاور مع المعارضة الشيعية.
وهذا التصريح في حد ذاته غريب، ويجعل المتابع يتساءل: هل الوزيرة الأميركية مطلعة حقيقة على مجريات الأمور، فهي تبدو وكأنها وزيرة خارجية إيران، وليس أميركا، فالوزيرة تنتقد إرسال القوات الخليجية إلى البحرين، بينما كان تعليق البيت الأبيض في حينها على إرسال القوات بأنه ليس غزوا. فدخول قوات درع الجزيرة الخليجية للبحرين كان وفق اتفاقيات مجلس التعاون الخليجي، ومهمتها حفظ أمن المنشآت هناك، وهي قوات أمنية وليست عسكرية! وبالطبع فإن مسلسل الغرابة في تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية لا يقف عند هذا الحد. فالسيدة هيلاري تقول إن دول الخليج قد سلكت الطريق الخطأ بتدخلها في البحرين، رغم كل ما بين دول مجلس التعاون الخليجي من اتفاقيات ومواثيق واضحة منذ أكثر من عقدين. لكنها، أي الوزيرة، تسمح لنفسها هي بالتدخل في الشأن البحريني؟ أمر محير بالفعل!
بل والطريف أن الوزيرة تقول – وفي نفس المقابلة – إن «أيا كان ما سيقرر بشأن ليبيا في الأمم المتحدة، فيجب أن يتضمن مشاركة وقيادة عربية»، فكيف يعتبر تدخل أبناء منطقة يجمعهم مواثيق، ومجلس مشترك، خطأ وغير مرغوب فيه، بينما يكون التدخل العربي في ليبيا مطلبا أميركيا، فأي تناقض أكثر من هذا؟
وبالطبع، فإن الأسئلة لا تقف عند هذا الحد تعليقا على تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية، فهل تعلم الوزيرة أن المعارضة الشيعية كانت تحتل مستشفى السلمانية، وتقصر العلاج فيه على الشيعة فقط؟ وهل سمعت الوزيرة عن الاشتباكات في المدارس البحرينية بين السنة والشيعة؟ وهل تعلم الوزيرة أن حركة البلاد كلها قد أصيبت بالشلل؟ وهل تعلم الوزيرة أن البحرين ليست فقط شيعة، وإنما هناك سنة، وبالتالي فإن أي مطالب إصلاح تمس تركيبة البلد، وأي بلد، يجب أن تكون وفق توافق وطني، وليس طائفيا؟
وعندما تتحدث الوزيرة عن ضرورة الحوار، وتطالب الحكومة البحرينية به، فهل تعلم الوزيرة أن الحكومة البحرينية هي التي تطالب المعارضة الشيعية بضرورة الجلوس على طاولة الحوار، ومنذ اندلاع الأزمة، حيث كلف الملك البحريني ولي عهده لإدارة دفة ذلك الحوار، دون أي استجابة من قبل المعارضة البحرينية التي كانت ترفض، وتصعّد في مطالبها حتى بلغت حد المطالبة بجمهورية البحرين؟
ولذا، فإن تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية، وإن أحسنا الظن بها، حيث تبدو وكأنها صادرة من وزير خارجية إيران، فإما أنها تنم عن عدم معرفة دقيقة بما يدور في البحرين، أو أن الهدف منها فقط هو تسجيل نقاط أمام الرأي العام، خصوصا أنها تأتي بعد أن نجح الأمن بتفريق المتظاهرين وتحرير الطرقات الرئيسية، ومستشفى السلمانية، أو أنها مؤشر على أن واشنطن تتخبط في المنطقة! وأيا كانت الأعذار فكلها أسوأ من بعض.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.