.
Posted on April 11, 2011.
ما الذي ستتركه واشنطن في العراق ؟
قيس قاسم العجرش تنشغل وزارة الدفاع الأميركية منذ
شهرين تحديداً بالتذمر والتشكي من ضعف ميزانيتها التي أقرّها الكونغرس لما يخص العراق وأفغانستان.هذا التذمر المصطنع والمضطرب في آن واحد، لن يجعل الكونغرس يتراجع ولن يمكن أوباما من البحث عن (مناقلة) للأموال من بند آخر ليصرفها في العراق، لكنه في العموم يتساوق مع سنـّة الرئيس الأميركي التي سنـّها منذ اللحظة التي خرج بها بوش من البيت الأبيض وهي أن يحاول الإشارة الى (خطأ)التدخل العسكري في العراق أينما أمكن له ذلك.
كان أول ملف عمل له أوباما حملة (showing up) أو التباهي المفرط هو أنه تمكن من تحقيق الإنسحاب من العراق، ليس لأن البناء العراقي الحكومي أصبح قادراً على الحياة لوحده بل لأن المهمة الأميركية لم يعد لها من أسباب للتواجد (والكلام لحملة أوباما) ولأنه يمتلك العزيمة و الإصرار على تنفيذ ما يعد،فهو فقط من يعرف هذه المفاتيح.
“وعدتكم وأنا الآن أفي بوعدي”.
وطبعاً من المؤسف أن نرى رئيس أكبر دولة في العالم والأكثر تأثيراً يحصراهتماماته السياسية بأن يؤكد مراراً أن كل ما يجري في العالم إنما نابع من صوابات قراراته بالانسحاب من العراق وهو الملف الانتخابي الذي اعتمد عليه سابقاً وينتوي الاعتماد عليه لاحقاً مجدداً.
لقد لجأ طاقم أوباما الى الترويج بهذه الجزئية أكثر من اللازم وأفرط فيها الى ان ارتدت ضده ، اعتمد تماماً عليها في الترويج للأوباموية الجديدة لكن النتيجة كانت أن شعبيته تراجعت منذ بداية الثورات التغييرية في العالم العربي و التي كشفت بين ما كشفت أن واشنطن هي الداعم الأول لاستدامة هؤلاء السلاطين.
وقد أجاب ثلث قراء واشنطن بوست بأنهم يعتقدون بإهمال أوباما للشؤون الدولية التي تحقق مكانة الولايات المتحدة العالمية وأنه لم يعمل ما يكفي لحفظ السلم العالمي وأنه لا سياسة خارجية لديه.
من الواضح جداً ان الأميركيين (أفراداً أومن أنصار الجمهوريين وبعضاً من الديمقراطيين) استشعروا اضطراب أوباما وإدارته في التصرف والتعامل مع هذ الثورات التغييرية وأنهم حائرون حيرة حقيقية .
وفي الوقت الذي ساند الرأي العام الأميركي التغيير وقفت حكومة اوباما موقفاً كاد يفضح عـُته مستشاريها وتخبطهم حين قررت أن تساند مبارك الآيل الى السقوط. ثم استدركت متأخرة بإصرارات أوباما (عليه الخروج الآن ..والآن يعني الآن) في لقطة متأخرة جداً عما قاله المصريون أنفسهم وبالواقع أنهم نفذوا ما قالوه من دون الحاجة لخطابات أوباما.
وقتها لم تكن المساندة مجرد”زلـّة لسان كلينتونية” إنما كشفت عن عدم توقع أميركي لسعة التذمر العربي من الحكام العرب المعمرين.
من هذا الالتفاف والتغيير في القرار غير المتخذ في واشنطن يعود روبرت غيتس وزير الدفاع الأميركي ليحذر من أن (عمليات) السفارة الأميركية العاملة في العراق لن تتناسب مع شحّة الموارد المخصصة لها بعد ما كان من المفترض أن تنوء السفارة بدلاً من الجيش الأميركي بعمليات الإسناد و التدريب وتقديم الدعم للعراقيين خلال زمن ما بعد الجلاء التام للقوات الأميركية.إذن ما يفعله الجمهوريون عبر سياستهم مع العراق اليوم أنهم سيمنحون أوباما كل ما تحدث فيه طوال عامين عن (الخطأ) في التورط بالعراق، سيكشفون الماء الذي يكذب مدعي الغوص ، لكنهم فوق ذلك سيقولون له: إن تخطيئك لإدارة الرئيس بوش يعني بينما يعنيه إننا لن نزودك بالمال اللازم كي تلعب الدورين معاً ، دور الخارج المنسحب من العراق علناً ودور المنفذ المستكمل لسياسة بوش في العراق خفية. عليك ببساطة أن تدفع الثمن شحاً في الموارد.
من هنا ، يكون اللعب وترين مزدوجين أخطر على من التشقلب على وتر واحد فقط ،لذلك نرى أن القيادات العسكرية الميدانية الأميركية في العراق قدمت حبل إنقاذ لقائدها عبر البحار أوباما عبر آخر تصريحات الجنرال “جيفري بيوكانن” التي كرر فيها التذكير بخطر القاعدة في العراق وأنه خطر مازال قائماً و لم ينجل بعد .وأن العراقيين سيتمكنون فقط من صدّ القاعدة عبر المساندة الأميركية .
وعلينا نحن كصحافة عراقية أن نتوقع مزيدأً من هذه التصريحات التحذيرية الأميركية من قادة ميدانيين.
كي لا ننسى هنا أن الحواضن المجتمعية الصغيرة التي قدمت مأوى للمتمردين من القاعدة أو غيرها إنما استثمرت وجود القوات الأميركية للتبرير الشعبي.
وكانت عملية الإرتباط بالجيش الأميركي من جانب تنظيمات الصحوة أو بعض الوجاهات العشائرية كانت محل فتنة حقيقية في أوساط لا تميز كثيراً بين المصالح الآنية والمصالح الوطنية أو إنها سلكت مسلك قصر النظر في التعامل مع السلطة.
المهم ان الولايات المتحدة مع أوباما لن تترك شيئاً يذكر في العراق إن هي اصرت على إدارة الأزمة بطريقة المس عن بعد.
لكن على العراقيين أن يتحسسوا هذا المنطق الأميركي المتذبذب عبر التعامل فقط بمشعر عراقي خالص لا يكيل بمعيار سياسي قدر تحركه في وسط يتحرى المصلحة الوطنية.بالنهاية سيكون العراق للعراقيين فقط وتنتهي المصالح الأميركية على الأرض وتبقى المصالح السياسية والاقتصادية طويلة الأمد.. ببساطة علينا الا نسلك ذات الازدواج في التعامل مع الملفات العراقية الذي سلكته إدارة
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.