أميركا: بين تقمص الأدوار وسياسة فرض القرار
Share
الخميس 31 مارس 2011
التقمصات والتسميات كثيرة، ففجر اوديسا اخذ يدق على وتر مفهوم الجيوسياسي، ليخرج لحناً عصياً على مسامع الموقع الجغرافي لليبيا، وكذلك هو لسان حال الغارقين في وحل التحليل السياسي للخروج بمعادلة تستوعب تفسير ما يحدث.
تراكمات كتابية اخذت تستوحي كل المجريات بعيداً عن تخصيب عنصر الجغرافيا السياسية الذي يعتبر اهم عنصر في مطبخ السياسة الاميركية لفهم الآخر والتعامل معه، وكأننا تناسينا ما كتبه المفكر العربي محمد جابر الانصاري مشترطاً أن درس الجغرافيا في الحالة العربية، يجب أن يسبق درس التاريخ، أو أن يصبح فاتحة كتابه.
فقبل ان نقرأ الواقع السياسي لاميركا تجاه اللوحة الليبية الفسيفسائية بتأزمها التأويلي، يجب ان نقرأ واقع تلك اللوحة جغرافياً، لنعرف التوجهات الغربية ومبتغاها، تقويماً وتقييماً من الناحية الجيوسياسية.
الناظر للحالة الليبية بتعقيداتها وصحرائها المترامية الاطراف يدرك جلياً ان اميركا لم تأت الى تلك البقعة الا لانها محاذية لدولتين مهمتين ضمن الصراع الحالي وهما: مصر وتونس، الامر الذي جعلها تركب الموجة الليبية باسم الديمقراطية وحقوق الانسان، مستغلة هذا الموقع الاستراتيجي لتعويض الفراغ الطارئ تونسياً ومصرياً، لكي لا تتشكل تلك الدول وفق ذاتية وخصوصية كل دولة دون مراعاة المصالح الاميركية، وأن اي تشكل جديد لن تسمح به اميركا ان يتبلور دون رؤيتها الجغرافية.
وسط هذا الزحام المرتكز على تأويل الاكاذيب وتسويق المفاهيم المدافعة عن الشعوب باسم التحالف الغربي الذي يسعى لضرب عصفورين بحجر واحد (النفط الليبي وتعويض الفراغ العربي الاقليمي- عسكرياً، والدول المحاذية لليبيا – سياسياً)، نجد ان الساحة العربية تفتقد معرفة الكثير من المصطلحات التي تحتاج الى تطبيق عملي، فالثقافة السياسية، والجيوسياسية وغيرها من المفاهيم مفقودة ومعدومة في ظلمة الليل العربي الحالك، والفرد العربي ليس امامه الا ان يقول كما قال نزار قباني “لا تفكر أبداً.. فالضوء أحمر.. إن العقل ملعونٌ، ومكروهٌ، ومنكر”.
السؤال المطروح من خلف الضوء الاحمر العربي المستتر، المضطرب في وضع النقاط على الحروف ومعرفة الحقيقة: هل بدأت قوات التحالف ومن خلال التدخل بالمعضلة الليبية تنفيذ عملية الاجهاض السياسي لمفهوم معنى الثورة الشعبية اصطلاحاً – وليس اجهاض شكل الثورة – في مصر وتونس؟ في الوقت الذي نعرف فيه اهتمام التحالف باقليم دارفور المحاذي لليبيا.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.