أسامة الرنتيسي
تاريخ النشر 02/05/2011 11:05GMT
في مماته، مثلما كان في حياته، فإن أسامة بن لادن كان الرقم الصعب في الانتخابات الأميركية. وعندما كانت تشتد المشاكل حول الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، كان بن لادن جاهزا لنقل المعركة إلى جهة أخرى، ومساعدة بوش بطوق نجاة.
في مماته، وضع بن لادن الرئيس الأميركي باراك اوباما، رئيسا جديدا للولايات المتحدة الأميركية في الانتخابات الرئاسية المقبلة في العام 2012، من دون منافس، بعد أن استطاع أن يطل علينا أمس، ويعلن للشعب الأميركي أولا أنه أخذ بالثأر، ويعلن للعالم، انتهاء حقبة إرهاب زعيم “القاعدة”.
في الفترة الأخيرة، قلّت طلّات زعيم “القاعدة” أسامة بن لادن، لكن المتخصصين بالحركات الإسلامية، كما يحلو للفضائيات أن تصنفهم، فوجئوا بآخر طلات بن لادن، عندما طالب “بمقاطعة الدولار الأميركي لتحرير البشرية من الرقّ”، وعندما تدخل بشؤون البيئة وحمّل “جميع الدول الصناعية، ولاسيما الكبرى، مسؤولية أزمة الاحتباس الحراري”. ويومها ندد بإدارة الرئيس لعدم توقيعها بروتوكول كيوتو الخاص بخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
.
الشيء المباشر ما بين بن لادن وأوباما كان في عنوان رسالة بعثها بن لادن “من أسامة إلى أوباما”، قال فيها إن الولايات المتحدة “لن تهنأ بالعيش مادام أهالي غزة في أنكد عيش”، وحتى “نعيش الأمن واقعا في فلسطين”، وتوعد بمواصلة الغارات ضد أميركا مادام دعمها لإسرائيل متواصلاً، وأوضح أنه “لو كانت رسائلنا تحملها الكلمات لما حمّلناها بالطائرات”.
أفعال بن لادن يدفع فاتورتها فورا العرب والمسلمون الذين يدّعي الدفاع عنهم، فقد دفع ملايين العرب في أوروبا وأميركا ثمن فعلة بن لادن في 11 أيلول (سبتمبر)، ومنح الحكام العرب الذين يهاجمهم مبررا لتشديد قبضتهم على مواطنيهم بدعوى مكافحة الإرهاب.
الشعب الأميركي غير دفة القيادة من الجمهوريين إلى الديمقراطيين، بعد ثماني سنوات من تفجيرات 11 سبتمبر، ووضعوا على مقود الإدارة زعيما أميركيا جديدا في كل شيء، في اللون والكاريزما والسلوك.
صحيح أن نجم باراك أوباما لم يعد ساطعا مثلما كان في بداية عهده، لكنه استطاع في الأشهر القليلة من حكمه نزع فتيل كثير من الأزمات التي ورثها عن خلفه جورج بوش الابن.
لكن أوباما دافع عن قرار الحرب في أفغانستان، الذي كان الرد الفعلي الأولي والسريع على هجمات سبتمبر، وقال في خطاب ألقاه.
أمام منظمة قدامى المحاربين في ولاية أريزونا “إن النصر على طالبان لن يكون سريعا وسهلا”.
ما تغير في السياسة الأميركية عبّر أوباما عنه في خطابه الشهير في جامعة القاهرة، ويمكن اختصاره في عبارتين: الأولى، إنها محاولة لفتح صفحة جديدة في العلاقات الأميركية مع العرب والمسلمين بعد الصفحة السوداء التي ميزتها فترة رئاسة جورج بوش الابن.
وفي العبارة الثانية، إن جديد أوباما قديم، فهو استخدم في خطابه لغة تصالحية مثيرة للانطباع تهدف لإعادة السياسة الأميركية إلى ما كانت عليه في العهود السابقة، خصوصا عهدي إدارتي بيل كلينتون وجورج بوش الأب.
إن الولايات المتحدة الأميركية انتخبت أوباما الأسود من أب مسلم، حامل شعار التغيير، وستنتخبه مرة أخرى، لأن المصالح الأميركية تضررت في حقبة الرئيس السابق الذي خضع لسيطرة “المحافظين الجدد”. فقد لحق بالسياسة الأميركية إخفاقات كثيرة لا تعد ولا تحصى، واستقبلت جثامين كثيرة لجنود دفعوا فواتير جنون الإرهاب وجنون السياسة.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.