Is the West Really Standing by the Peoples’ Revolutions?

<--

هل يقف الغرب حقا مع ثورات الشعوب ?

الازدواجية في مواقف واشنطن إزاء الانتفاضات العربية معروفة الأهداف فلا يهمها غير مصالحها ومصالح حليفها الاستراتيجي الإسرائيلي .

بات واضحا أن الدول الغربية تكيل بمكيالين إزاء الأحداث في العالم, وهذا الحكم ليس تجنيا عليها أو تشكيكا في مواقفها, بل هو محاولة لاستجلاء حقيقة موقفها من الانتفاضات العربية الراهنة.

عندما تفكك الاتحاد السوفييتي أواخر عقد ثمانينات القرن الماضي, أوحت الإدارة الأمريكية أنها انتصرت في نهاية الحرب الباردة, وان المنهج الرأسمالي قد انتصر على المنهج الاشتراكي, وقال بريجنسكي في حينه ” إن الديمقراطية كانت أحسن وصفة طبية لإسقاط النظام الشيوعي والاتحاد السوفييتي معا”. كما هللت الدعاية الغربية للانتفاضات التي وقعت في الدول التي كانت تتبع الاتحاد السوفييتي, ومنحتها أوصافا مختلفة مثل ( الثورة المخملية” و “الثورة البيضاء” وغيرها من الأوصاف كل ذلك لان ما حدث كان إنهاء لما تبقى من ارث الاتحاد السوفييتي. كما فتح الباب واسعا أمام الولايات المتحدة لدخول تلك الدول التي كانت فيما سبق عصية عليها ومغلقة الابواب أمامها.

إن غرض الإدارات الأمريكية هو خدمة إستراتيجيتها الكونية, وبالذات في قارة أسيا لمواجهة الدولتين الصاعدتين. الصين وروسيا- وبناء قواعد عسكرية في دول آسيا, لمساعدتها في أفغانستان.

أما في الوطن العربي فإن للولايات المتحدة أهداف عدة منها:1. السيطرة على النفط العربي, وأخذه بالكميات التي تحتاجها, وبأسعار رخيصة, وهذا ما سعت إليه بعد زوال هيمنة بريطانيا على بلدان الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الثانية .1945 ونستذكر كيف دبرت انقلابا ضد محمد مصدق في إيران لمنعه من الاستمرار في تأميم النفط الإيراني, وكيف اخترعت الحجج الواهية ضد نظام صدام حسين في العراق لغزوه واحتلاله ,2003 لأنه أمم النفط العراقي عام ,1972 وكيف دعا إلى استثمار النفط سلاحا في معركة العرب المركزية -فلسطين- عام .1973

2- التعهد بحماية الكيان الصهيوني وضمان أمنه, من خلال مده بكل ممكنات القوة المادية والمعنوية سياسيا وإعلاميا واقتصاديا. ورغم أن اوباما حاول أن يوحي للرأي العام العالمي انه مع حل عادل لهذه القضية المعقدة, ومع حل الدولتين ضمن حدود عام .1967 ولكنه في كل مرة يخضع للضغوط الصهيونية ويتراجع عن وعوده, وأخيرا وخلال أسبوعين تراجع عن تصريحه الذي وعد بإقامة دولة فلسطينية في حدود ,1967 وأمام ضغط نتنياهو تراجع وقال انه يؤيد قيام دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 وليس على تلك الحدود ذاتها. 3- وأخيرا صار للإدارة الأمريكية هدف ثالث هو محاربه ما يسمى الإرهاب في بلدان الشرق الأوسط, ومن اجل تنفيذ هذا الهدف احتلت أفغانستان والعراق. والنتيجة هي دمار البلدين المسلمين, وإزهاق أرواح الألوف من سكانهما.

دعمت الإدارة الأمريكية النظام اليمني لقيامه بمحاربة الإرهاب, أي محاربة تنظيم القاعدة, والحوثيين أيضا. والنتيجة هي شبه حرب أهلية كادت أن تجر السعودية إليها بشكل كبير. ولم يقتصر الأمر على هذا الحد, بل وصل إلى اعتبار قوى المقاومة العربية حيثما كانت هي قوى إرهابية. لأنها تقاوم الوجود الصهيوني في فلسطين, والاحتلال الأمريكي في العراق وأفغانستان.

من نقاط الازدواجية في المواقف الأمريكية أنها تعتبر الأحزاب والحركات الإسلامية قوى إرهابية وشجعت الأنظمة العربية المحسوبة عليها كي تحجمها وتحد من حركتها في الشارع, بالاعتقال تارة, وقطع الأرزاق تارة أخرى. وعندما هبت رياح التغيير في الأقطار العربية واتسع نطاق الانتفاضات العربية, وبرز دور الأحزاب الدينية الإسلامية, أخذت الأنظمة تلوح بفزاعة الإسلاميين, لكن الإدارة الأمريكية لم تنطلي عليها هذه النغمة, بل أعطت إشارات واضحة أنها مستعدة للتعامل مع هذه الجماعات بهدف مشاركتها في الحكم لاحقا سواء في مصر أو غيرها. وقد أفادت وزيرة خارجية أمريكا هيلاري كلينتون في تصريح صحافي يوم 24/2/2011 أن بلادها لا تمانع في وصول الإسلاميين للحكم في مصر إذا التزموا بالمعاهدات التي تضمن الأمن في المنطقة, وتعني امن الكيان الصهيوني. وفي دراسة نشرتها وكالة الصحافة الفرنسية في 28/3/2011 أفادت أن الغرب مستعد لان يتخلى عن الأنظمة التقليدية لصالح علاقات مع التيارات الإسلامية التي لها نفوذ في الشارع العربي والإسلامي, وتعتقد الإدارة الأمريكية أن النموذج التركي مثال يمكن أن يحتذى في المنطقة.

لابد أن نشير أن الزعماء الذين أطيح بهم أو الذين يترنحون تحت ضربات الثوار والمنتفضين, أصيبوا بخيبة شديدة من الموقف الأمريكي المؤيد لرحيلهم, وكأن هؤلاء لم يقرأوا التاريخ, ولم يتعظوا مما حصل لعدد من الزعماء الذين تخلت عنهم الإدارة الأمريكية لحظة انتهاء مهامهم أو انتهاء صلاحياتهم ¯ كما عبرت كونداليزا رايس أمام الكونغرس الأمريكي ¯ بان من مهمات الإدارة في المرحلة المقبلة التخلي عن حلفائنا الذين انتهت صلاحياتهم, وصاروا في عهدة التاريخ, وكذلك تبيض وجهها أمام الأجيال الجديدة, والادعاء بأنها مع حركة الشعوب المنادية بالحرية والديمقراطية. فساد الحكام كان بعلم الإدارات الأمريكية ورضاها, وهي تعلم ان الفساد معادي للديمقراطية ألحقه, وعندما دعمت أنظمة مستبدة, فإنها كانت تريد إذلال الشعوب من قبل حكامهم, ودفع الأجيال الشابة لمزيد من الاحتقان ومن ثم الانفجار, ودفعهم لحمل السلاح وإشعال حرب أهلية لا تعود على بلادهم إلا بالدمار والخراب.

كانت الإدارة الأمريكية تعرف فساد الأنظمة التابعة لها اي ما تسمى بالأنظمة المعتدلة لكنها كانت تسكت على فسادها لأن لا يهمها الإصلاح الحقيقي في البلدان العربية, ولا يهمها سعادة الإنسان العربي, وهذه الحقيقة لم يرد الحكام العرب أن يستوعبوها أو يتعظوا مما جرى لمن سبقهم من الحكام. أما الإصلاح الذي دعت إليه فهو إصلاح على الطريقة الأمريكية, وضمن شروط صندوق النقد الدولي.

الازدواجية في المواقف الأمريكية إزاء الانتفاضات العربية, معروفة الأهداف,فلا يهمها غير مصالحها ومصالح حليفها الاستراتيجي الكيان الصهيوني, فلا بد من الحذر الشديد من هذه المواقف المريبة, والخوف من تسللها الى صفوف الثوار لحرف ثورتهم عن مسارها الإصلاحي الحقيقي.

About this publication