أمريكا غاضبة جدا من مصر.. وتهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور.. وتلوح كالعادة بقطع المعونة الملعونة.. والسبب يرجع إلي منع ستة مواطنين أمريكيين من مغادرة الأراضي المصرية والتحقيق معهم في تهمة تتعلق بمخالفة القانون وإدارة منظمة مدنية غير مسجلة تعمل بالسياسة والحصول منها علي أجر.
المواطنون الأمريكيون يطلق عليهم “نشطاء أمريكيون” ويتقدمهم سام لحود ابن وزير النقل الأمريكي راي لحود.. ويعمل هؤلاء النشطاء في منظمتين تابعتين للحزبين الامريكيين الكبيرين: المنظمة الأولي باسم “المعهد الجمهوري الدولي” والثانية باسم “المعهد الوطني الديمقراطي”.. ويقال انهما تعملان في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان.
وقد جاء التحقيق مع هؤلاء المواطنين الامريكيين- أوالنشطاء- في اطار الاجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية مؤخرا ضد المنظمات التي تعمل خارج القانون وتتلقي تمويلاً من الخارج.
والسؤال البديهي الذي يتبادر إلي الاذهان هو: ماذا يفعل هؤلاء النشطاء الامريكيون في بلادنا؟!.. واذا كانوا يتقاضون مرتبات وأجورا فمن الذي يدفع لهم ولماذا.. وهل هذه المرتبات تقتطع من المعونة المزعومة؟!
ثم يأتي السؤال الأهم: لماذا لا ينشط هؤلاء النشطاء في بلادهم ويتركوننا وشأننا؟!.. أم أنه من ضرورات المعونة وشروطها السماح لهؤلاء وغيرهم كي يعيثوا في بلادنا فساداً وإفساداً دون أن نعرف ماذا يفعلون بالضبط؟!
انني اجزم بأن حالة الانقسام والفوضي والتشرذم التي تعاني مصر منها حاليا وسوف تعاني منها أكثر وأكثر في الأيام القادمة ليست إلا ثمرة هذا النشاط المريب الذي لا رقيب عليه ولا حسيب.. والذي يقوم به أمريكيون وغير أمريكيين تحت لافتة الديمقراطية وحقوق الانسان بينما الحقيقة أنه عمل استخباراتي من الطراز الأول.
ولابد أن نعترف بأنه تم فتح أبوابنا علي مصاريعها في الفترة الأخيرة من حكم مبارك وإلي اليوم أمام هذه الانشطة المريبة.. كان مبارك يفعل ذلك بهدف تمرير مشروع التوريث والصمت علي فساده واستبداده.. والآن لم يجرؤ أحد علي فتح هذا الملف الشائك خوفا علي الشريك الامريكي من أن يغضب أو يسحب تأييده ودعمه.. أو يقطع معونته.
وقد أدت خطوة توقيف المواطنين الامريكيين الستة ومنعهم من السفر إلي اثارة الإدارة الامريكية.. خصوصاً أن المسألة جد خطيرة.. ولو سارت الأمور في وضعها الطبيعي فمن الممكن أن يحكم علي هؤلاء النشطاء الامريكيين بالسجن خمس سنوات.
لذلك سارعت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الامريكية إلي التصريح بأن واشنطن تحث حكومة مصر علي رفع هذه القيود فوراً والسماح لهؤلاء الاشخاص بالمجيء إلي وطنهم في أقرب وقت ممكن.. ويحدونا الأمل في حل هذا الأمر في الأيام المقبلة.. أما السيناتور الجمهوري البارز جون ماكين الذي يدير المعهد الجمهوري الدولي فقد أعرب عن انزعاجه وغضبه مما أسماه ب “التحول الجديد المثير للقلق”.
وهكذا بدأت حملة التخويف والابتزاز ضد السلطات المصرية.. وسوف تظهر نتيجة هذه الحملة خلال الأيام القليلة القادمة.. اما سرعة الافراج عن النشطاء وترحيلهم أو ادخالهم في صفقة بنفس سيناريو الجاسوس الأمريكي الصهيوني جرابيل.
وفي كل الأحوال فلابد أن يدرك القائمون علي السلطة في واشنطن أن الشعب المصري ضد هذه المنظمات الأمريكية وانشطتها المريبة.. والمشكلة ليست في الحكومة أو في المجلس العسكري وانما في الشعب المصري نفسه الذي يريد طرد هذه المنظمات والتخلص منها.. حتي ولو كان الثمن قطع المعونة العسكرية السنوية التي تقدر قيمتها ب 1.3 مليار دولار.. وهي المعونة التي تستخدمها واشنطن وسيلة للابتزاز والضغط علينا.
ويبقي علي البرلمان الجديد- برلمان الثورة- أن يبحث هذا الأمر جيدا في اطار استراتيجية جديدة لمصر المستقبل.. تتخلص فيها من نقطة الضعف الامريكية إلي الأبد.. والمعلوم أن أموال المعونة تذهب إلي أصدقاء أمريكا ورجالها ومواطنيها الذين يفسدون في بلادنا ولا يصلحون مهما ادعوا غير ذلك.
نريد أن ننفطم عن الدعم الامريكي والمعونة الامريكية ونبحث عن بدائل ذاتية تشد عضدنا وتقوي ظهرنا.. لاننا لو سرنا علي نهج مبارك في الفلك الأمريكي فلن تقوم لنا قائمة إلي الأبد.. وقديما قالوا: “ماحك جلدك مثل ظفرك.. فتولي أنت جميع أمرك”.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.