.
Posted on April 3, 2012.
باراك اوباما،درس على يد مؤرخي الحقبة الاستعمارية والحربين العالميتين، والحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي .
وقد وصل الى حكم الولايات المتحدة التي كانت تحاول إعادة رسم إستراتيجيتها الدولية اثر هجمات 11/9 ،وإعادة بناء مؤسسات هرمت أسسها المبنية على قواعد الحرب الباردة وتكتيكات الهجوم. فقد أصبح العدو داخل الأسوار بعد أيلول نيويورك، وتطلب هذا رسم سياسة مختلفة وإعادة بناء مؤسسات بما يتناسب مع السياسات الجديدة ،ودرء أخطار
وصول العدو إلى داخل الولايات المتحدة. فعاش فترة بداية حكمه في حالة اللاوزن واللا قرار، وعاش الأزمة المالية التي ما زالت تهدد الاقتصاد الأمريكي برمته.
ورأى اوباما أن ما ورثه من مصاريف باهظة على حروب شنتها أمريكا خارج حدودها يجب أن تتوقف، وهذا يعني سحب الجيوش وإعادتها إلى ديارها، فانسحب من العراق مخلفا عراقا ممزقا تتآكله الطائفية التي رعتها الولايات المتحدة، وها هو يستعد لانسحاب أسرع من أفغانستان، خشية على جنوده الذين يترصد لهم ثوار أفغانستان وها هو يبتعد عن الشرق الأوسط بعد أن أقام حلفا (لا يعرف مداه الزمني) مع قوى ألبست عباءة الإسلام وانهالت عليها مئات الملايين، لتتسلم مقاليد الحكم في أكثر من بلد(والتيار مستمر). وترك لنتنياهو حرية التصرف بشكل كامل في الشرق الأوسط إلى حدود إيران.
بنيامين نتنياهو تخصص في التسويق أثناء دراسته الجامعية ،ثم عمل في ميدان التسويق في الولايات المتحدة قبل أن يتوجه لإسرائيل ويتنازل عن جنسيته الأمريكية. فهو مسوق ماهر ومتخصص في التسويق في الولايات المتحدة، وكان زعماء الجالية اليهودية في الولايات المتحدة يعتبرونه (وما زالوا) الطفل العبقري المدلل. فهو يجيد الكلام ولذلك يعتبرونه فصيح جدا،وهو وسيم واعتبروه آنذاك الحصان الذي يمكن أن يفوز بأي سباق في أمريكا.
وكان “الضيف المفضل” في النوادي الخاصة وبيوت الأغنياء وبناتهم الشابات الباحثات عن زوج لامع كبنيامين نتنياهو.
ولكن نتنياهو اشتهر بأنه يستطيع أن يسوق بمهارة سيارة سباق سريعة ليهودية ثرية أو أمريكية ثرية تبلغ من العمر سبعين عاما، أي انه كان قادرا على إقناع الأمريكيين بقبول قرار قتلهم أو موتهم بترحاب وقناعة!!
خطط نتنياهو للصفقة تخطيط خبير التسويق. وكان يريد أن يسوق لباراك اوباما ما يريده اوباما بالنسبة لإيران: لا حرب بل حل سياسي ودبلوماسي وان ما جرى في كوريا الشمالية هو المثال.
نجح بنيامين نتنياهو نجاحا كبيراً في ذلك. فقد حشد نتنياهو كل رصيده الأمريكي في أوساط اليهود والأغنياء والثريات العجائز والمحافظين من المسيحيين والصهاينة ومجموعاتهم في الكونغرس وذهب مسلحا بهم لمواجهة اوباما، الذي نصحه كل من هو مخلص له ولمنصبه بأن
يتراجع عن مواجهة نتنياهو ،لان لديه أمورا أهم ولان أمامه فترة انتخابية ثانية.
وطرح احدهم – وهو تلميذ تاريخ فاشل -” ما هي أهمية فلسطين والفلسطينيين لنا؟.
إن لدينا أولويات أهم بكثير ، دعه يلعب في ملعبه ولنلعب نحن في ملاعبنا” وتراجع اوباما..
عندها بدأ نتانياهو يجني ثمار ذلك على صعيد التوسع في فلسطين والسيطرة استعماريا على أرض الضفة الغربية دون حسيب أو رقيب، وراح يسوق الموضوع الآخر ليجني مزيداً من الأرباح وهو موضوع الحرب على إيران، أو ما سمي الضربة الاستباقية للمشروع النووي الإيراني.
فقد كان نتنياهو يعلم من الموالين له في بطانة اوباما أن الملف الإيراني هو من الأولويات التي تحدث عنها للرئيس الأمريكي مستشاره، الذي أشار بترك ملعب فلسطين لنتنياهو.
ولذا بدأ صراخ نتنياهو وطبول حربه بالعلو والتهويل.
وتركزت إستراتيجية نتنياهو الابتزازية على خلق مصداقية في دوائر واشنطن المؤثرة – المخابرات والبنتاغون والخارجية – بان إسرائيل تعد العدة عمليا لضرب المفاعلات النووية الإيرانية ومصانع الصواريخ!!
وعندما بحثت اللجنة التسليحية العليا الإسرائيلية الأمريكية طلبات إسرائيل لأسراب من طائرات F35 وقنابل العمق، ازداد تخوف البيت الأبيض من مغامرة إسرائيلية تورط أمريكا فيما لا تريد أن تتورط به.
وأثناء مناورات عملية دعي الملحق العسكري الأمريكي وكبار الضباط الأمريكيين لإدارة القبب الحديدية (الحامية من الصواريخ البالستية) ، بذل الإسرائيليون جهدهم لإقناع الأمريكيين بأنهم يستعدون فعلا لضرب مفاعلات إيران النووية.
ولإتقان التمثيلية الابتزازية، اصدر نتنياهو أمرا لعدد محدد من الوزراء والضباط بالإدلاء بآراء مؤيدة ومعارضه للضربة الإسرائيلية ، بحيث تبدو هذه التصريحات وكأنها نتيجة لقرارات داخلية سرية لضرب مفاعلات إيران.
ولا شك أن عددا من السياسيين الإسرائيليين (خارج الحكومة) والصحفيين الموضوعيين وقعوا في هذا الفخ ،فأدلوا أيضا بآرائهم مما زاد في الحملة.
وصدر قرار من نتنياهو وزع على أوسع نطاق بمنع المسئولين من الإدلاء بأي تصريح يمس الموضوع الإيراني، فزاد قلق الأمريكيين..
ونشط رجال المخابرات الأمريكية في القدس وتل أبيب والضفة الغربية للتوصل
إلى الحقيقة ، وتوصلوا إلى النتيجة التي نقلت لاوباما: “نتنياهو أعد لتوجيه ضربة لإيران ويريد مباركة أمريكا، ولكن القرار هو توجيه الضربة حتى لو عارضت أمريكا”.
ووقع اوباما في فخ “خبير التسويق” بنيامين نتنياهو. فوجه اوباما دعوة لنتنياهو لزيارة واشنطن على عجل (رغم انغماس اوباما في معاركه الأمريكية) وراح يرجوه قبل أن يراه من خلال خطاب غير مسبوق في إعلان خضوع رئيس أمريكا لإسرائيل القي أمام مؤتمر ايباك.
ولم يستعجل نتنياهو اللقاء، بل وصل للولايات المتحدة وعقد اجتماعاته مع اللوبي ورجال الكونغرس الموالين والمسيحيين الصهاينة (المحافظون الجدد أنصار فولويل).
وكان اوباما قد طلب مساعدة بعض أعضاء الكونغرس الموالين لإسرائيل بإقناع نتنياهو بان مصلحة أمريكا تقتضي عدم توجيه ضربة لإيران ، وان الحل الذي تراه أمريكا هو حل سياسي دبلوماسي على الطريقة الكورية.
وأثناء اللقاء ترك نتنياهو اوباما يتحدث معظم الوقت (دون تعليق) فقد كان استخدم كل أسلحته وأطلق كل ما بجعبته قبل أن يلتقي الرئيس الأمريكي.
واعتبر (كمسوق بارع) أن الدور الآن هو دور اوباما، ليعرض السعر المناسب.
إسرائيل لن توجه ضربة لإيران مقابل قيام الولايات المتحدة بتزويد إسرائيل بأحدث ما لديها في الترسانة العسكرية، لتبقي تفوق إسرائيل تفوقا إقليميا.
لن تمارس أمريكا أي شكل من أشكال الضغوط على إسرائيل بشأن التوسع
الاستعماري الاستيطاني أو التفاوض أو حل الدولتين. وستمارس الولايات المتحدة الضغوط على الأنظمة العربية الجديدة والقديمة، لعدم إثارة موضوع فلسطين والقضية الفلسطينية في المحافل الإقليمية والأوروبية والدولية.
واصدر اوباما الأوامر أثناء وجود نتنياهو، فأعلن رئيس أركان القوات المشتركة الأمريكية ووزير الدفاع تعهدا يمد إسرائيل بوسائل التفوق العسكري.
وأرسل اوباما رسالة سريعة للسلطة الفلسطينية بان” تخفض من مستوى توقعاتها”!!
وربح نتنياهو الصفقة!
وماذا بعد ..؟
الاستيطان الاستعماري مستمر على قدم وساق، لا حرب بين إيران وإسرائيل .
والخطط لإلباس العباءة الإسلامية لعملاء الغرب في مصر والمغرب العربي وليبيا واليمن وسوريا مستمرة بعد التحالف الذي أقامته السيدة كلينتون مع العباءة الجديدة.
القطار مستمر في سيره السريع والوطنيون مطالبون بوضع العصي بين دواليبه.
والصراخ هنا لا يفيد ولا يسمن.. العمل هو المطلوب.
والعمل يبدأ بالإجابة على سؤال:
ما الذي تخشاه اسرائيل ؟ وليس ما الذي تخشاه الولايات المتحدة؟
فسياسة اوباما نلخصها بعبارة «اتركوهم يعملون» ، لكن المعنى هنا هو أن نترك عوامل وعناصر الصراع تتفاعل على أرض الواقع ،دون أن تتدخل الولايات المتحدة إلا في الأمور التي تمس السقوط الفعلي لحلفائها.
إذا كانت هذه هي إستراتيجية أمريكا الجديدة (حتى لفترة عام) فلا بد للوطنيين من الاستفادة منها. والمفتاح هنا هو فلسطين مرة أخرى .
الفلسطينيون يعيشون الآن في ظل قلق مستمر مصدره الاعتداءات اليومية التي يشنها جيش الاحتلال والمستعمرون المسلحون(جنود نظاميون لا يلبسون اللباس الرسمي). اعتداءات المحتلين تطال البشر والحجر والشجر. وتضيق حبال الحصار على أعناق الفلسطينيين يوما بعد يوم.
النهوض الجماهيري هو البداية، المظاهرات السلمية التي تطالب بالحرية والعدالة .
وهذا أمر لا تتوقع أن تبادر به السلطة فهي بعيدة عن ذلك، لكن نتوقع من
أبناء الشعب الفلسطيني ألا يرهبوا أمن الرئاسة أو الأمن المركزي أو
الشرطة.
إن تنطلق الحركة الجماهيرية “المقاومة السلمية” وتتواصل في الوقت الراهن هو الذي
يقلق إسرائيل.
فإسرائيل لن تتحمل تلك المظاهرات بل ستطلق النار عليها وتقمعها بالقوة. وسينضم نتنياهو إلى نادي الشرق الأوسط أمام العالم، وستكشف تلك المظاهرات حقيقة إسرائيل التي كادت ثعلبة وخداع نتنياهو أن تغيرها. وسيسقط قناع الديمقراطية الزائفة، ولا شك أن حرارة هذا التحرك ستنتقل للشارع العربي فيبدأ الصحو وان كان بطيئا.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.