في عام 2009 أجرت قناة إسرائيلية مختصة بالدراسات الأكاديمية مقابلة مع افرايم هاليفي رئيس سابق لجهاز الموساد الإسرائيلي للتجسس والمهام الخاصة حول تقديره لمدى استمرار الحرب التي أعلنتها واشنطن عام 2001 على الإرهاب العالمي فقال إن بعض المسؤولين الأميركيين يقدرون استمرارها لخمس وعشرين سنة أو أكثر وأنه شخصياً يطلق عليها اسم (الحرب العالمية الثالثة) وقد تستمر بموجب تقديره إلى عشر أو عشرين سنة في أسوأ الحالات.
ويعترف الكثيرون من المختصين بالسياسات الاستراتيجية أن العالم بعد عام 2001 والتفجيرات التي وقعت في نيويورك انتقل من مرحلة إلى أخرى وقادت هذه المرحلة الولايات المتحدة برئاسة بوش لتحقيق عدد من الأهداف وأهمها: «السيطرة على معظم مصادر القوة والثروة الطبيعية وممراتها بالتحالف مع الأطلسي وأوروبا، ومنع إمكانية تطور قوى كبرى منافسة للقوة الأميركية واستمرارها قطباً واحداً هو الأقوى في العالم».
وبعد أحد عشر عاماً على بداية هذه (الحرب العالمية الثالثة) ما زالت ساحات معاركها تتسع عاماً تلو عام وتفرز استقطاباتها الإقليمية والدولية دون أن تتمكن واشنطن وحلفاؤها من حسم هذه المعارك أو تحقيق النتائج والأهداف المطلوبة منها.
فصورة الخسارة العسكرية والسياسية والمالية الأميركية بادية للجميع من أفغانستان إلى العراق إلى خسارة باكستان، ويعتبر المحللون في واشنطن أن أول جبهة حرب خاضتها واشنطن في هذه (الحرب العالمية الثالثة) كانت في هذه المنطقة الممتدة من أفغانستان (الغزو الأميركي الغربي في تشرين الأول 2001 لأفغانستان) إلى العراق غزو قوى التحالف الأميركي البريطاني عام 2003 وتوسع دائرة الحرب باتجاه باكستان من موقع الحليف لواشنطن.
وكانت خطة هذه التدخلات معروفة للقوى الإقليمية والدولية المناهضة لهذه الحرب أو المتضررة من هذه الغزوات العسكرية الغربية فقد كان على واشنطن أن تتوسع من العراق للتخلص من سورية وإيران وقوى المقاومة في لبنان وفي فلسطين لأن هذه الأطراف تمثل عملياً آخر القوى المناهضة لهذه الحرب وآخر القوى التي أعلنت عن مقاومتها لهذه الغزوات.
ولذلك يرى (غلاسير) الخبير بالشؤون الاستراتيجية الدولية أن واشنطن انتقلت بسبب صعوبات تحقيق الأهداف الكاملة في أفغانستان والعراق إلى إيران وسورية وحلفائهما بعد فشل الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز 2006 لأن تلك الحرب كانت تشكل إحدى جبهات (الحرب العالمية الثالثة) أو (الحرب على الإرهاب العالمي) كما يقول بوش قائد تلك الحرب.. وتشير بعض منشورات مجلس الأمن القومي الإسرائيلي في عهد هاليفي رئيس الموساد سابقاً إلى أن اجتياح شارون للضفة الغربية في آذار – نيسان عام 2002 جاء ضمن تنسيق واضح مع نفس الحرب التي شنها بوش في تشرين الأول 2001، فقد قرر شارون إنهاء الانتفاضة المسلحة في الأراضي المحتلة فحشد أكثر من 40 ألفاً من قواته البرية والمدرعة والجوية وأعاد نشر هذه القوات فيها وارتكب مذبحة جنين وحاصر مقر رئيس السلطة الفلسطينية عرفات بعد قصف وتدمير معظم ملحقاته في رام الله.
كما يعترف المحللون العسكريون الإسرائيليون أن ساحة (الحرب العالمية الثالثة) هذه بقيت في نفس المنطقة لأن من يسيطر عليها من أفغانستان حتى سورية والعراق وإيران ولبنان سيمنع إمكانية تطوير قدرات روسيا والصين نحو التحول إلى قوى عظمى تنافس وتتحدى (القطب الأكبر) الأميركي.
وفي نفس الاتجاه يعترف المحللون المختصون الروس بالإستراتيجية الدولية أن موسكو وبكين يعتبران إحباط أهداف الخطة الأميركية الغربية في هذه الحرب ينطلق من سورية وإيران والمقاومة بدعم مكشوف ورادع من العاصمتين موسكو وبكين بهدف خلق نظام عالمي موازٍ للنظام العالمي الأميركي وتفتيت سياسة القطب الواحد.
Makes sense to me.