دول الجوار وشفط النفط والدولار من العراق
علي الأوسي
الاثنين، 16 أبريل 2012 10:17
علي الأوسي فيما تنشغل الأوساط السياسية والرسمية في شؤون وشجون وتطورات الأزمة السياسية الداخلية وتفاعلاتها المختلفة والمفتوحة على مختلف الاحتمالات، تنشغل أطراف أخرى من الأخوة والاشقاء والأصدقاء من دول الجوار بشؤون وشجون من نوع آخر تختلف عن شؤوننا وشجوننا نحن العراقيين، وإن كانت شجونهم تعتاش على شجوننا التي توفر لهم البيئة النموذجية التي تساعدهم في إنتاج النفط أو تطوير هذا الإنتاج من الحقول النفطية المشتركة مع العراق والاستفادة أيضا من دولارات العراق النفطية وبشكل مريح.
يتعرض العراق إلى ضغط مالي ونقدي غير مسبوق بسبب حركة النقد المالي العراقي من الدولار الأميركي إلى خارج الحدود ما يدفع باتجاه تراجع قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي والذي يعني أيضا زيادة معدلات التضخم الداخلية وارتفاع في الأسعار لاسيما لما يتعلق بالمواد الاستهلاكية. ومع أن مثل هذه التطورات الاقتصادية على درجة كبيرة من الخطورة والأهمية لأنها تتعلق بالحياة المعيشية للمواطن العراقي ومستوى هذه المعيشة، غير أن الذي يلاحظ خوف الكثير من أصحاب الشأن بهذا الموضوع أو قلة جرأتهم في الحديث عن هذه الأزمة ومفاعيلها لاسيما لما يتعلق بأسبابها الحقيقة وكأن لسان حالهم يقول في فمي ماء وهل ينطق من في فيه ماء . وحتى من يتحدث عن هذه الأزمة ويعترف بهذا (الشفط) فانه يتوقف عندما يتعلق الأمر بتسمية الاخوة والأصدقاء والأشقاء الذين يشفطون دولارات العراق وثرواته من العملات الصعبة وكأنهم لا يعرفونهم، أو كأنه كرم عراقي في مدارات الجيران على قاعدة إن النبي محمد (ص) قد أوصانا بالجار السابع، فكيف بنا بالجار الأول أو الثاني حتى وإن كانت على حساب مواردنا وثرواتنا وأموالنا نحن العراقيين. ومما لاشك فيه فان تراجع قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي ليست أزمة داخلية تتعلق بمستوى أداء البنك المركزي العراقي أو سياساته النقدية، ذلك إن الدينار العراقي حافظ على مدى السنوات الماضية ومنذ عام 2003 على قيمته وقوته في السوق مقابل الدولار الأميركي ولولا زيادة الطلب على الدولار لما تراجعت قيمة الدينار. أما زيادة الطلب على الدولار الأميركي في الأسواق العراقية فلا يتعلق بحاجات السوق العراقية الداخلية، ذلك ان هذه الحاجات أي المحلية معروفة ولم تتغير وإنما الذي تغير هو حاجات إضافية خارجية طارئة تتعلق بحاجة الأخوة في جمهورية إيران الإسلامية والأشقاء في الجمهورية العربية السورية الى الدولار بسبب إجراءات العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلدين ولأسباب وخلفيات لسنا نحن العراقيين طرفا فيها.
والى جانب تسرب ثروات العراق من العملات الصعبة خارج الحدود، فان تسرب من نوع آخر يمثل هدرا لموارد العراق وثرواته الطبيعية أيضا من خلال استثمار بعض دول الجوار لآبار النفط المشتركة على الحدود العراقية مع هذه الدول دون معرفة العراق بذلك أو عدم موافقته أو الاتفاق معه على أقل تقدير. وللعراق أربعة وعشرين بئرا نفطيا مشتركا مع كل من ايران وسوريا والكويت تقدر المصادر الاقتصادية إحتياطياتها النفطية بحوالي خمسة وتسعين مليار برميل من النفط.
إن إيران مثلا والتي تنتج حاليا مائة وثلاثين ألف برميل يوميا من الحقول المشتركة مع العراق تضع خطة إنتاجية لرفع هذه المعدلات إلى مليون برميل يوميا في عام 2013 على أن تزيد إلى خمسة ملايين ومائتي ألف برميل يوميا في عام 2015 مع أن العراق لم يسوي مشاكله الحدودية بعد مع دول الجوار ولم ينته من ترسيم حدوده مع هذه الدول.
إن ثروات العراق لا يمكن أن تحميها النوايا الحسنة والتأكيد اليومي الممل على الحيادية وعدم الحاجة للقوة واستخداماتها، ذلك ان المال السائب يشجع على السرقة، ولا بد من حماية لهذه الثروات التي يطمع بها البعيد فضلا عن القريب. أما آليات ذلك فهي من بديهيات بناء الدولة القوية والتي تأخذ أيضا ببديهيات عناصر وشروط ومفاهيم الأمن القومي وبمعانيها الحديثة والشاملة لغرض حماية العراق وثروته الطبيعية.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.