الأميركيون لا يعرفون معنى الحوار وقيمته
2012-06-06 |
صوت للمقال 1
| التعليقات
الشعوب كالأفراد لها اهتماماتها وآمالها وبرامجها وخططها وأهدافها وتطلعاتها المستقبلية، ولأن الأفراد هم المكون الأساس للشعوب يصبح التطور الاجتماعي الإنساني الفردي هو المقياس الدقيق الذي تُبنى عليه معرفة مدى التحضر الشعبي لمجتمع أي دولة موجودة على مساحة الكرة الأرضية، ولا شك أن العمق الحضاري الممتد في التاريخ لأي شعب من الشعوب يمكن أن يكون مؤشراً صادقاً على حق هذا الشعب في أن يفاخر غيره بتراثه وأصالته وحضارته التي تسمح له أن يمتلك قدرة خاصة على التعامل مع كل الأحداث والمستجدات بوعي وفهم مستندين إلى ثقافة متجذرة في حياته. وهذا يجيز لنا القول إنه من العبث المقارنة بين شعب كالشعب السوري تمتد حضارته إلى قرابة عشرة آلاف سنة وشعب مثل شعب الولايات المتحدة الأميركية لا يصل عمر حضارته إلى ثلاثمئة سنة، ومعروف بأنه خليط من جنسيات وقوميات وألوان وأعراق وثقافات مختلفة اجتمعت على أرض جديدة مكتَشفة لتقضي على أصحابها الأصليين وتبنى حضارتها الهجينة ودولتها العدوانية المتسترة بشعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها رياء ونفاقاً، وهي أكثر دول العالم بعداً عن تطبيق هذه الشعارات على الأرض، كما أن الأميركيين هم أكثر شعوب العالم عدم معرفة بمعنى وقيمة الحوار على المستوى الوطني الداخلي، لذلك هم دائماً يرفضون أي حوار وطني يمكن أن يؤدي إلى حل المشاكل القائمة في بعض البلدان وقيام أنظمة ديمقراطية حقيقية خارجة عن الهيمنة الأميركية، وأوضح مثال على ذلك التشكيك الأميركي المتواصل بنجاح أي حوار وطني شامل في سورية، ووضع كل العراقيل لمنع إجراء مثل هذا الحوار حتى لو كان ذلك على حساب الدم السوري البريء. وللتأكيد أن الشعب الأميركي لا يعرف الحوار ويستعيض عنه باستخدام كل الوسائل الأخرى بما فيها السلاح لحل المشكلات الداخلية والخارجية ذات العلاقة المباشرة به نستعيد بعضاً من تفاصيل تاريخ الولايات المتحدة الأميركية منذ إنشائها حتى اليوم، وفي هذه التفاصيل ما يكفي من الأدلة والبراهين على ما نتحدث عنه: الوافدون الأوائل إلى الأرض الأميركية وخاصة من بريطانيا ودول أوروبا وهم في الأغلب من المغامرين والباحثين عن الثروة والسلطة من شذاذ الآفاق والمحكومين الهاربين من أحكامهم وسجونهم كان هدفهم الرئيس هو القضاء على الهنود الحمر أصحاب الأرض الأصليين حتى لا ينازعوهم السيطرة على الأرض وثرواتها، لذلك لم يلجؤوا إلى الحوار معهم للاتفاق على طريقة للعيش المشترك وتقاسم الثروة والحياة من خلال بناء الدولة الجديدة، وإنما لجؤوا إلى حرب إبادة شاملة منظمة لم تبق منهم إلا بؤراً بسيطة تنتشر في بعض المناطق الجبلية النائية. الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب التي استمرت سنوات طويلة وذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الأميركيين لفرض سيطرة أحد طرفيها على الآخر لم يحدث أن جرى خلالها أي حوار بين الطرفين لوضع حد للعمليات العسكرية وحقن الدماء، واستمرت حتى انتصار أحد طرفيها وفرض سيطرته ورأيه على الآخر. الأميركيون من الأصول الإفريقية الذين يشكلون النسبة الأعلى بين أفراد الشعب الأميركي الذين ينتمون إلى منشأ واحد أصبح أكثرهم بعد قرنين ونيف من الحضارة الأميركية المزورة التي اكتسبوها في المجتمع الجديد يتحدثون بمنطق العنجهية والصلف الذي اكتسبوه من حياتهم الجديدة على الرغم من السجل القهري والدموي واللاإنساني الذي عاشه أجدادهم منذ أحضرهم المهاجرون الأوائل ذوو الأصول الأوروبية لاستخدامهم كعبيد للحصول على ثروات الأرض الجديدة، والنماذج المؤكدة لذلك كثيرة. الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة في مختلف أنحاء العالم لم يسبقها أي حوار، وكانت دائماً تتم بمنطق القوة والهيمنة العسكرية للسيطرة على البلدان الأخرى طمعاً في ثرواتها والتحكم بمقدرات شعوبها ولتأكيد الهاجس الأميركي الموجود دائماً وتعاظم بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي بأن الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة على سطح الأرض التي لها الحق في التحكم بمن تريد وفرض نفوذها حيثما ترد وبالأسلوب الذي تريد، وهي المسوغات التي دفعتها لغزو فيتنام والعراق وأفغانستان وغيرها، وقتل الملايين من شعوب العالم بالوسائل المباشرة كإلقاء القنبلة الذرية على مدينتين يابانيتين وغير المباشرة كالتآمر وتجنيد العملاء والمرتزقة لقلب الأنظمة السياسية وخلع الرؤساء والحكومات بالقوة، وحتى الهزائم الأميركية في فيتنام والعراق وأميركا اللاتينية وخروج الأميركيين المذل من الدول التي %D
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.