US Policy in Its New Islamist Flavor

Edited by Gillian Palmer

<--

السياسة الأميركية بنكهتها الإسلامية الجديدة

شؤون سياسية

الاثنين 8-10-2012

د.أحمد نزار الوادي

تكمن الاستراتيجية الامريكية الجديدة في احداث قضية مشتركة وتعمل على تأجيجها وتأطيرها بما يخدم تنفيذ اجنداتها السياسية وقد استخدمت هذه الاستراتيجية من خلال مايسمى بالربيع العربي

حيث أكدت صحيفة كريستيان سيانس مونيتير أن الولايات المتحدة الامريكية لم تكن مجرد متفرج أو متدخل أو طرف في النزاعات التي جرت في العالم إلا أن سياسة الولايات المتحدة المتعلقة بافتعال الثورات الملونة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بما في ذلك تمويل وتسليح الأصوليين التكفيريين في مختلف البلدان كان من احدى نتائجها زيادة كبيرة في مجموعات الإرهابيين الأصوليين المدربين بشكل جيد على مختلف صنوف القتال ومستعدين لتنفيذ أي مهمة مهما كانت في نوعها ومكانها وخير مثال على ذلك هو سورية التي تحارب حالياً بجهود قوات جيشها الباسل أكثر من 5000 آلاف مقاتل من الإرهابيين التكفيريين الذين قدموا إليها من اليمن ولبنان والأردن والعراق ومصر والسودان والمملكة العربية السعودية وأفغانستان وغيرها من الدول العربية والأجنبية بتوجيه من أمريكا والدول الغربية وتركيا وقطر والسعودية وهو ما أطلق عليه ما يسمى «الجيش الحـر » وقد ذكرت صحيفة دي فيلت الألمانية أن المخابرات الألمانية أكدت أن مقاتلي ما يسمى « الجيش السوري الحـر » نسبته من السوريين لا تتجاوز الـ 5 % فيما العدد الأكبر يعود إلى جماعات أصولية تأتي من ليبيا ودول إفريقيا لممارسة الأعمال الارهابية في سورية بدعم وتمويل من مشيخات البترودولار الخليجية.‏

وفي هذا الصدد تعمل أمريكا ودول الغرب على التخلص من هؤلاء التكفيريين المتواجدين في دول الربيع العربي ( مصر , تونس , ليبيا ) عن طريق إبعادهم عنها وإرسالهم إلى سورية على اعتبار أن سورية لا تطبق مبادئ الديمقراطية الأمريكية ولا تعمل على حماية المصالح الأمريكية على عكس تلك الدول التي تعمل على تنفيذ الأجندات السياسية الأمريكية من دون قيد أو شرط والتي قام ما يسمى بالربيع العربي بحماية أنظمتها,‏

فالتخريب والقتل والدمار الذي تعيشه الساحة السورية نتيجة للأعمال الارهابية للعصابات المسلحة يؤكد أن ما يجري هو ربيع أطلسي يستهدف ضرب الأمة بكافة شعوبها وتركيعها لسنوات طويلة قادمة تنفذ خلالها واشنطن بالتنسيق مع إسرائيل وحلفائهما ترتيبات جديدة للمنطقة بدعم تركي وتمويل سعودي – قطري .‏

إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت بجني ثمار أعمالها باعتبار أن المجموعات الأصولية التي جهزتها أصبحت تشكل خطراً لأمنها القومي وكذلك أمن دول الاتحاد الأوروبي فمن يرسل ارهابا لبلد ما سيرتد هذا الارهاب عليه حتما .‏

فمقتل السفير الأمريكي في مدينة بنغازي الليبية مؤخراً وكذلك مقتل عدد من الدبلوماسيين الأمريكيين بأيدي الإرهابيين التكفيريين فضلاً عن إجلاء أمريكا لرعاياها بشكل طارئ من عدد من البلدان الإسلامية يؤكد صحة تحذيرات المحللين والخبراء منذ بداية ما يسمى بالربيع العربي من أن إسقاط الأنظمة الحليفة لأمريكا ستنعكس إيجابياً لمصلحة الأصوليين رغم معرفة إدارة أوباما منذ البداية أن الاصوليين لايمتلكون برامج وخططاً لإدارة مرحلة مابعد اسقاط هذه الأنظمة وأنهم سيكونون مضطرين للهاث وراء أمريكا كي تدعمهم معتقدة أمريكا بذلك أنها حققت هدفا بالغ الأهمية وهو أنها اثبتت للعالم أن الخط الاصولي ليس بديلا عن الهيمنة الأمريكية وإنما جزء من الهيمنة ذاتها حتى وإن بدا نقيضا لها في خلفياته وأدبياته وبالتالي فإن حسابات الإدارة الأمريكية والمتعلقة بمساعدة واشنطن للأصوليين في ليبيا وتونس ومصر بهدف ضمان امتثالها لتلبية المصالح الأمريكية كانت غير صحيحة وحرقتها بنيرانها .‏

وتجدر الإشارة إلى أن خبراء السياسة الأمريكيين رصدوا تطورات الربيع العربي وأوجدوا وسيلة متطورة لتشويه سمعة الإسلام في المستقبل القريب ليس كدين فحسب ولكن أيضا باعتباره أحد العناصر الأساسية للبنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في المنطقة كما تخطط لتهيئة ظروف اقتصادية لدول الربيع العربي تؤدي لانخفاض حاد في مستويات المعيشة وزيادة كبيرة في الاضطرابات الاجتماعية .‏

والملاحظ أن إدارة البيت الأبيض تنتهج سياسة قذرة من خلال تحريضها على إشعال فتنة طائفية وتحويل ذلك إلى صراع إقليمي في الشرق الأوسط يشمل إيران حيث تلعب من أجل ذلك دورا مهما في عزل إيران سياسيا وإضعاف حلفائها سورية ولبنان ولذلك تقوم أمريكا ببث سمومها بادعائها أن إيران تقوم بدعم حلفائها كما تعمل أمريكا على تشكيل تحالف يؤيدها من دول البترودولار كالسعودية وقطر وبعض الدول العربية الأخرى بهدف انقاذها من ضرورة القيام بعمل عسكري لحماية اسرائيل من خطر ايران وفق وجهة النظر الأمريكية , فهذا التحول المفاجئ في سياسة الولايات المتحدة في المنطقة ينطوي على عواقب سلبية خطيرة ليس بالنسبة للوضع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ولكن أيضا بالنسبة للوضع في العالم كله .‏

وهكذا نجد أن هذا المخطط يقع ضمن أهداف ما يسمى بالربيع العربي والديمقراطية في المنطقة والذي تحاول من خلاله أمريكا تنفيذ مهمة محددة تتعلق بالقضية النووية الإيرانية والقضاء على حليفتها سورية منوهين إلى أن سورية التي ستنتصر من خلال تمسكها بمقاومة الاحتلال فحصانة أي نظام عربي اليوم هو تمسكه بمقاومة الاحتلال والتصاقه بالأهداف القومية والدفاع عنها وان يفعل كما فعلت سورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد بمحاربة الصهيونية والإرهاب الأصولي والسياسات الأمريكية التي تدعمها وإسقاط كافة المخططات الأمريكية والغربية والإسرائيليةالداعمة لأمن اسرائيل والتي تحاك ضد المنطقة لنهب خيراتها.‏

About this publication