Obama’s New Term

<--

فيما مضى كانت “عيون” العالم العربي مفتوحة باتجاه “التغيير” القادم من “صناديق” الانتخابات الامريكية، كان ثمة من يراهن على المهدي المنتظر القادم من واشنطن لتحريك “الدماء” السياسية المتجمدة في شرايين “العرب” بأي اتجاه، صحيح ان لكل “تغيير” ثمن ومريدوه، وصحيح ان الذاكرة العربية منذ الحرب العالمية الثانية لم تحمل “ذكرا” طيبا لأي رئيس امريكي، لكن الصحيح ايضا ان “العجز” العربي ولّد لدى الشعوب “وهما” على شكل “امل” بأن الاخرين سيقومون بالنيابة عنهم “لانجاز” ما لم يتمكنوا من انجازه.

الآن في عصر الشعوب العربية سقطت هذه الفرضية، وربما تكون المرة الاولى التي يتعامل فيها “الانسان” العربي مع الانتخابات الامريكية وافرازاتها بمنطق اكثر “عقلانية”، فالجديد الذي خرج من واشنطن سيجد نفسه مرة اخرى مضطرا للتعامل مع “موجة” تاريخية اجتاحت اليابسة العربية ومرغما على “التكيف” مع احداث تصنعها الشعوب هذه المرة، ومع “رغبات” تحاول الانظمة السياسية ان تمررها الى دوائر القرار الامريكي من تحت طاولة “المصالح” المشترك.

هذا بالطبع لا يلغي قدرة امريكا على التأثير او التدخل او التكيف بسرعة مع التحولات الجديدة لكن كمية هذا التدخل ونوعيته ستظلان مشدودتين لمعيار “الداخل” العربي وما تستطيع الشعوب ان تنجزه من اصلاحات او ثورات، او من قدرة على ابراز “وحدتها” السياسية والاجتماعية والمحافظة على متانة موقفها تجاه عوامل “التخريب” التي تواجهها في داخلها ومن خارجها ايضا.

لا يوجد لأمريكا –ربما- مصلحة في “امتداد” الفجر العربي، وقد تعكس الرسائل التي اطلقها اوباما مؤخرا تجاه مصر جزءا من هذا “الحذر” الذي ينتاب السياسة الامريكية حول “التحولات” التي حصلت، لكن ثمة فرقا بين اضطرارات اوباما وخياراته: ففي الدول التي انجزت التغيير يجد نفسه مضطرا للتعامل مع “اسلاميين” وصلوا الى السلطة وبدأوا تجربتهم، وبالتالي فان الجديد في السياسة الامريكية مع الولاية المتجددة سيكون حاضرا في “ضبط” حركة هذه الانظمة وضمان انسجامها مع الايقاع الامريكي وخاصة فيما يتعلق باسرائيل وأمنها، وايران وشهوتها النووية، اما الخيارات فستكون مفتوحة بحدود الدول التي لم يصلها بعد ضوء الفجر العربي، واعتقد ان اوباما سيعتمد هنا سياسة “الحصار” الحذر للحفاظ على الوضع القائم مع اقل ما يمكن من تحسينات.

يبقى الملف السوري، وعلينا ان نتذكر هنا بان الغرب –وامريكا تحديدا- قد اعتمدت سياسة “المراوحة” لا دفاعا عن الاسد ولا حرصا على نجاح الثورة، وانما اولا لمعاقبة “الربيع العربي” الذي كان امتحانه في سوريا من اصعب الامتحانات وثانيا لتوفير ما يلزم من وقت “لترتيب” المصالح الامريكية والاطمئنان الى البديل المناسب للنظام، وثالثا لاخضاع “سوريا” الدولة والحاقها بالمشروع الغربي سياسيا واقتصاديا.

صحيح ان لحظة الحسم مع اوباما “الجديد” في الملف السوري اقتربت، لكنه لن يكون بالضرورة حسما عسكريا مباشرا، فقد طوت واشنطن صفحة “المغامرات” الفاشلة بعد العراق وافغانستان، ولكن قد يكون سياسيا بأزمة “عسكرية” من حلفاء اخرين سواء من خلال المناطق العازلة او بتقديم مزيد من الاسلحة للمعارضة، او بقرار دولي يفرض “نوعا” من “الانتقالية” السياسية مع رحيل الاسد.

باختصار، لا جديد مع “اوباما” في نسخة الرئاسة الثانية تجاه عالمنا العربي وقضاياه الكبرى الا في حالة واحدة وهي: ما تستطيع الشعوب العربية ان “تنجزه” لفتح العيون والعقول “دعك من القلوب” في واشنطن واجبارها على التقاط الحدث وفهمه والتكيف معه واحترامه اذا لزم الامر.

About this publication