Popular Revolts in Hollywood Films: From the Carrot to the Stick?

 .
Posted on November 26, 2012.

<--

الثورات الشعبية في أفلام “هوليود” .. هل تراجعت من الترغيب للترهيب ؟!

شيريهان المنيري

الثلاثاء 2012/10/23 12:46 م

دائماً ما نرى ونتابع الأفلام الأمريكية بكُل دقة وإعجاب، لما تُقدمه دائماً من قصص وأحداث هادفة ومُختلفة، التي غالباً ما ترمي إلى قضية أو ملف ما، سواء بالطريق المباشر أو غير المباشر، وأحياناً بطريقة الصُدفة حيثُ أصبح لديها القُدرة أحياناً على التنبؤ بالأحداث، وأحياناً أُخرى القُدرة على التحليل، وإذ ربما إيجاد الحلول لمشاكل أو قضايا مُعقدة، أو الإكتفاء بنشر رسائل هادفة. هذا إلى جانب عرضها لتلك الأفلام بصورة ليست بالنمطية على الإطلاق. فهى ذات قُدرة هائلة على إستخدام جميع وسائل التقنية الحديثة وتوظيفها بشكل جيد، بالإضافة إلى ميزانياتها الضخمة التي تسمح بمثل هذا الإنتاج المُبهر.

وفي أثناء أحداث الثورات العربية وما تلاها كثر الحديث عن أفلام بعينها، وعقد مُقارنات بينها وبين الأحداث التي تحدُث في بلادنا. فالكثير رأى أن تفسير مدى التشابه مع أحداث تلك الأفلام ما هو إلا دليل على أن ما تمُر به بلدان ثورات الربيع العربي، مؤامرة أمريكية مُدبرة منُذ فترة، وأن تلك الأفلام كانت تُقدم كسمييتور “برنامج مُحاكاة” لشحن الشعوب ودفعهم إلى الثورة والتذمُر على حُكامهم.

تلك التحليلات التي بالطبع لاقت الكثير من السُخرية، لأن المُتابع لتلك الأفلام، والباحث المُتعمق في أساسها يجد أن أغلبها مُستوحى من روايات وأعمال أُلفت مُنذ سنوات عدة. وأن ما يُعرض في السنوات الأخيرة منها، ما هو إلا عملية تحديث لأفلام ومسلسلات عَرضت نفس القصص والروايات من قبل، وأن كُل ما جد عليها عبارة عن ما توصلت إليه التكنولوجيا من تقنيات جرافيك وخداع بصري ومؤثرات صوتية، بالإضافة إلى تقنية العرض ثلاثي الأبعاد “3D” في بعض الأحيان، والذي يجني أرباحاً لا بأس بها بالنسبة لصانعي السينما نظراً للإقبال الشديد عليها.

وعلى سبيل المثال فيلم “V For Vandetta” الذي فسره العديد من جانب واحد فقط، وهو أنهُ فيلماً داعياً لنشر الفكر الأناركي الذي يُدعم مبادئ الحُرية الفردية واللاسلطوية، بمعنى إنتهاء فكرة السُلطة بكُل صورِها، والإعتماد على التعاون الجماعي بين الأفراد. فالأناركيون أو من يُطلق عليهم الفوضويون هم من يؤمنوا أن الكون خُلق من الفوضى مما يُفسر إيمانهم بأن الأنظمة المُناسبة والناجحة من وجهة نظهرهم يُمكن أن تُصنع من فوضى مُماثلة. وهذا هو ما دعى الكثير من مُتابعي أحداث الثورات العربية وخاصة بمصر إلى وصف الثوار بأنهُم مثل الأناركيين أو الفوضويين الذين يقوموا بتنفيذ مشروع الفوضى الخلاقة كما رسمته “كونداليزا رايس” وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة. وفي الواقع هُناك جانب آخر لم ينتبه إليه هؤلاء، وهو أن فيلم”V For Vandetta” هو عبارة عن فيلم خيالي يستند إلى بعض من الواقع، فهو أُخذ عن رواية مصورة “Comics” من تأليف “Alan Moore”.

وتدور أحداثه في لندن حول “V” – وأتى بالإسم كناية عن الرغبة في الثأر- الشخص الغامض الذي يرتدي قناعاً مُبتسماً طوال أحداث الفيلم ويسعى لتغيير الواقع السياسي في الدولة عن طريق الثأر من النظام القائم ورموزه.

وقد بدأ الفيلم بالسرد لخلفية تاريخية تستند إلى الواقع، تدور حول مُخطط بعض من الشباب الكاثوليك الذين أرادوا إنهاء نظام الملك “جيمس الأول” وقوانينه من خلال تدمير البرلمان بأكمله في يوم 5 نوفمبر 1605، تلك العملية التي أُطلق عليها “مؤامرة البارود”، والتي عُرفت أيضاً بأنها مُحاولة للإنقلاب على “جيمس” بواسطة مجموعة من المُتمردين أشهرهم شخص يُدعى “جاي فوكس” – وبالمناسبة هذا اسم القناع الذي يرتديه “V” وليس “فانديتا” كما هو مُتعارف عليه-. هذا الشخص الذي يُحتفل سنوياً في يوم 5 نوفمبر بـقصر “وستمنستر” بفشل مُخططه.

ومن أوقع ما قيل في حوار هذا الفيلم وأعتقد أن لا أحد يختلف عليه هو :”people should not be afraid of their governments. Governments should be afraid of their people” بمعنى “أن الشعوب لا يجب أن تخاف حكوماتها. ولكن الحكومات هى من تجب أن تخاف من شعوبها”.

ومن الجدير بالذكر بعض الآراء والمُقارنات حول التشابه بين رواية “Alan Moore” المصورة، وأيضاً رواية )1984( لـ “George Orwell” والتي إقتُبس منها فيلم “Equilibrium” والذي قُدم بأسلوب فلسفي مُعالج بطريقة أفلام الخيال العلمي عام 2002. مما جعل الفكرة الرئيسية بين الفلمين مُتشابهة إلى حد كبير مع بعض الإختلافات.

نموذج آخر أثار الكثير من الآراء وهو فيلم “Rise Of The Planet Of The Apes” والذي عُرض في عام 2011، واتهمهُ أيضاً الكثير من الشباب أنهُ نموذج واضح على المُحاكاه للثورة، كأسلوب خفي لتصدير المُخطط الأمريكي إلى الشعوب العربية. على الرغم من أن هذا الفيلم له جذور تاريخية مُنذ أعوام. فالأصل يبدأ مع الجزء الأول من الفيلم والذي تم إنتاجه في عام 1968، وجاء تحت مُسمى الرواية التي أُخذت عنها فكرته، ألا وهى “Planet of the Apes”، وبالمُناسبة هى لكاتب فرنسي وليس أمريكي يُدعى “Pierre Boulle” وأُلفت مُنذ عام 1963.

ونظراً لما حققه الفيلم من نجاح وشُهرة في حين عرضهِ، فقد توالت مُحاولات تطويره وعرضه بأساليب مُختلفة وهذا ما ظهر بالفعل في “Beneath the Planet of the Apes” والذي أُنتج في عام 1970. وما تلاه في عام 1971 “Escape From The Planet Of The Apes”، وفي عام 1972 “Conquest Of The Planet Of The Apes”، ثُم “Battle For The Planet Of The Apes” في عام1973. كما عُرضت نفس الأفكار السابقة من خلال مُسلسل قصير تم إنتاجه بعام 1974 ، ولكنه لم يُحقق نجاحاً. وفي عام 1975 قُدم كمسُلسل للمرة الثانية، ولكنهُ كان مسلسلاً كارتونياً ولم ينجح هو الآخر.

حتى تم إعادة إنتاج الفيلم الأول في عام 2001، ولكن بالطبع مع عديد من الإختلافات والتحديثات والتي تتناسب مع التطوُرات التي تحدُث في حياتنا من تقدُم تكنولوجي وتقني غير مسبوق، والذي يُساعد في إضافة المزيد من الإثارة والتشويق.

وأخيراً، يأتي فيلمنا الذي عُرض في أغسطس 2011، والمُشابه في مضمونه مع بعض أفكار الجزء الرابع من السلسلة القديمة والتي حكت عن قصة بداية ظهور القردة وسيطرتها، ولكن قُدمت عن طريق مدخل إنساني رائع –من وجهة نظري- من خلال عرض فكرة مُركبة تربُط بين كيفية مُعاملة الحيوانات وحجزهُم في معامل الإختبارات لإجراء التجارب، ولكن في نفس الوقت كان ذلك من أجل غرض وهدف نبيل ألا وهو إيجاد علاج مُتطور لمرض الزهايمر، مما يجعلنا أمام مُفارقة صعب الإختيار فيها. كما أرى أن أحداث الفيلم أتت طبيعية، فثورة القرود كانت نتيجة حتمية لما تتعرض لهُ من إهانة وقهر في سبيل ما لا يفهمونه. بجانب ما قدمه الفيلم من رسائل عديدة كان أهمُها: أن لكُل طاغية نهاية يجنيها لطُغيانه فالجزاء من جنس العمل، وهذا ما رأيتهُ في نهاية “جاكوب” صاحب المؤسسة التي كان يُجرى بها الإختبارات على تلك القرود. أيضاً رسالة أُخرى هامة تضمنت فكرة “في الإتحاد قوة”، فالقرود لم تستطع أن تهزم من يُسئ إليها إلا عندما أصبح لهم قائد تمثل في القرد “سيزر” والذي إستطاع أن يجمعهُم حول هدف، واحد دون أن يتفرقوا طوال مشهد التمرُد حتى وصلوا إلى بيئتهم الطبيعية – الغابة-. وأخيراً يجدُر الإشارة إلى نقطة هامة وهى أن مَن يرى أن ثورة القرود من خلال هذا الفيلم كان هدفها الإطاحة بكُل من يختلف عنهُم لمُجرد قيامهُم بثورة والرغبة في الثأر من الجميع، يجب أن يُعيدوا مُشاهدة الفيلم بشكل أوضح. فالقرود لم تنتقم إلا من صاحب المؤسسة الذي تعمد الإساءة إليها بشكل صارخ، دون التفكير إلا في جنى المال وتحقيق الثروة والشُهرة. في حين أن”سيزر” قائد الثورة أحب كثيراً العالِم “ويل رودمان” ودافع عنه وعن أبيه من خلال أحداث الفيلم، على الرغم من أن هذا العالِم الشاب كان من العاملين الرئيسيين في مؤسسة “جاكوب” وصاحب كُل التجارب الناجحة فيها. ولكن الإختلاف كان يكمُن في طريقة المُعاملة حيثُ أحسن “رودمان” مُعاملة القرود والعناية بهم، بالإضافة إلى أنهُ تبنى “سيزر” في بداية أحداث الفيلم والذي فقد أمه وهو لازال رضيعاً بسبب خطأ معملي. وبالمُناسبة يُتوقع الإنتهاء من “Dawn Of The Planet Of The Apes” لعرضه في 2014.

ولكن إذا أسلمنا بفكرة إعداد الأفلام السابق ذكرها كإستعداد إستباقي لثورات الربيع العربي، فهل شاهدتهُم فيلم “The Dark Knight Rises” والذي عُرض هذا العام؟ وهل تعلمون من كان يُحارب “باتمان” في هذه المرة ؟ فالمُـتابع لسلسلة أفلام “باتمان” يعلم جيداً أنهُ دائماً ما يُحارب الشر، وغالباً ينتصر عليه في نهاية كُل فيلم. فهل تعلمون ما هى نوعية الشر الذي إنتصر عليه “باتمان” في فيلمه الأخير ؟

لقد إنتصر “باتمان” في هذه المرة على “Bane” الذي كُلف في أحداث الفيلم بالقضاء على النظام القائم في مدينة “جوثام”، مما دعاه إلى إستخدام كُل الوسائل العنيفة التي يُمكن أن تُدعمه، والتى أتى أخطرها مُـمثلاً في التهديد بقُنبلة نووية، وذلك بمُساعدة “Talia al Ghoul” أحد الشخصيات الرئيسية في أحداث الفيلم، تنفيذاً لمُخطط والدها. ولكن المُلفت للنظر هو ما أتى في خطاب “Bane” الأخير والذي جاء نصه كالآتي: (سنأخُذ “جوثام” من الفاسدين ! الظالمين! الأغنياء! ونُعيدها إليكم أيها الشعب، فـ “جوثام” لكم، ولن يستطع أحد أن يتدخل في شؤونكم مرة أُخرى. وسنبدأ بإحتلال “Blackgate” لنُحرر المظلومين والمقهورين. وسيتم الإطاحة بالجيش. كما سيتم نزع القوة من كل من يختبئ في أوكاره المُنهارة الآن. ورميهُم في العالم البارد الذي عرفناه على مدار أعوام حُكمهم وتحملناه وقاسيناه. وسوف نعقد المُحاكمات. ولكننا سنُبقي الشرطة لكى تتعلم خدمة العدالة بمفهومها الحقيقي. فمدينتنا العظيمة “جوثام” سوف تحيـــا). وبالتالي إذا سلمنا بفكرة دعم أمريكا للثورات العربية من خلال أفلامها، فهذا الفيلم ينفيها تماماً حيثُ إنتصر “باتمان” على “Bane” في نهايته وأنقذ مدينة “جوثام”، التي إذا قارنا بين ما جاء عليها في الخطاب السابق، وما حدث في “مصر” فسوف نُلاحظ تشابُهاً كبيراً، وكأنهُ يسرد ما حدث من تطور أحداث عندنا. ولكن مع إختلاف إمتلاكهم لسلاحاً نووياً في أحداث الفيلم، وهو ما ينطبق حالياً مع إيران لما لديها من نوايا ومشاريع إستباقية.

وهُنا أعتقد أننا إذا إستمرينا في الربط بين أفلام “هوليود” وما يحدث في بلداننا، فأننا في حالة هذا الفيلم أمام أربعة سناريوهات وهى: أن أمريكا تتراجع عن دعم الثورات الشعبية، مُظهرة سلبياتها وأخطارها وأن من يثور يُعتبر إرهابياً وستقضي عليه، وذلك حتى تُرهب شعبها من أعمال مُماثلة. أو أن أمريكا بدأت تشعُر بأهمية التراجُع عن الإعتماد في حروبها على التكنولوجيا الحديثة فقط ومُحاولة تنمية الإعتماد على المقدرات العقلية والبدنية وخاصة بعد ما حققته من خسائر في العراق وأفغانستان – فباتمان إعتمد بشكل أكبر في هذا الفيلم عن الأجزاء السابقة على العقل والإرادة والقوة البدينة في تحقيق إنتصاره- أو أن “هوليود” تتنبأ بإنتصار أمريكا على إيران والسحق بما لديها من صورايخ وجميع مشاريعها ونواياها لصناعة أسلحة نووية، والسيناريو الأخير والأسوأ أن أمريكا إنتصرت وحققت مُخططتها كما رسمته بالفعل في كُل الإتجاهات. تلك السيناريوهات التي من المُحتمل أن يكون الفيلم رامياً لها، ولكن ذلك فقط مع تسلمينا بضرورة تحليل أفلام “هوليود” تحليلاً سياسياً، والتصميم على نزعة الرؤية الرمزية لأبطال وشخصيات أفلامها، دون الإستمتاع بالمُشاهدة، أو الوصول للرسائل الحقيقية للفيلم والتي تكون في أغلب الأحيان منطقية. فشخصية “باتمان” تُمثل بطلاً خيالياً مثلهُ مثل “سوبر مان”، و”سبايدر مان”، و”أيرون مان”، و”دار ديفل”،… وما إلى ذلك. كما أنها ظهرت ما بين عام 1939 – 1943 والتي أبدعها الكاتبان “Bob Kane” و”Bill Finger” مُشاركة بينهُما.

وكُل ما يطرأ عليها ما هو إلا إبداع من كُتاب ومؤلفين جُدد يُثبتون جدارتهُم وإمكانيتهم على الإبداع والتطوير بما يتوافق مع مُتغيرات العصر. ولكن في حالة إستمرار نظرية أن كُل شخصية أسطورية أو خيالية بالفيلم تُمثل رمزاً يرمي لشئ آخر على جميع أفلام “هوليود”، يكون فيلم “The Avengers” والذي عُرض في مايو الماضي – وفيه تحالفت مجموعة من أشهر الأبطال والشخصيات الخيالية مع بعضها البعض لمُحاربة الغزو الفضائي-، هو إشارة إلى أننا على أعتاب حرب مع كائنات فضائية أو ربما كناية عن حرب عالمية ثالثة !!

About this publication