في رسالة إيران إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية, والمؤرخة في الثالث والعشرين من شهر يناير المنصرم, اخطرتهم بأنها تعتزم إضافة العشرات وربما المئات من أجهزة الطرد المركزي من الجيل الجديد إلى محطتها النووية الرئيسية لتخصيب اليورانيوم, و الأجهزة الجديدة ستكون أكثر قوة وأحسن أداءً من أجهزة “آي آر 1” المتقادمة التي تعود إلى السبعينات من القرن الماضي, والتي تستعملها إيران في الوقت الحالي, ما يمنح الإيرانيين القدرة على إنتاج ما يصل إلى ضعف اليورانيوم المخصب الذي ينتجه كل جهاز بأربع مرات. وهذه الخطوة يمكن أن تعزز بشكل كبير قدرة المحطة على إنتاج الوقود الذي يستعمل في محطات الطاقة النووية, وربما في تصنيع القنابل النووية .
الادارة الاميركية تحت قيادة باراك اوباما استخدمت تكتيك العقوبات الاقتصادية التي مع انها اثرت في الاقتصاد الايراني بشدة, الا انه يبدو ان ايران تقاوم وتلتف عليها بطرق عديدة وتربك المصالح الاميركية حيث زاد تأثيرها غير الايجابي في بعض دول الخليج وفي العراق وسورية ….وفي مؤتمر ميونيخ اعلن نائب الرئيس الاميركي ان واشنطن تريد اجراء مفاوضات مباشرة مع ايران مما يعنى ان مباحثات 5 + 1 ستتوارى ويقف الاميركيون والايرانيون وجها لوجه إلى مائدة المفاوضات في مساومات شاملة على كل الملفات .
وهذه السياسات الاميركية تعني تنازل اوباما عن بعض ثوابت الادارات السابقة فهو قبل التفاوض مع استمرار ايران في التخصيب . الا ان احوال اميركا الاقتصادية وعسرها المالي فرضا على ما يبدو تلك التنازلات . مما دفع اصواتا متزايدة الى العودة الى السياسات الاميركية القديمة باعتبار ان التفاوض يعني الحديث إلى إيران حول القضايا العالقة بدلا من محاولة معاقبتها من دون أي اكتراث بالعواقب. وانه حان الوقت لكي يطبق على إيران تلك السياسات التي مكنت اميركا من الانتصار في الحرب الباردة, وحررت حلف وارسو, وأعادت توحيد أوروبا: وان تلك السياسات تتضمن الانفراج والاحتواء, والاتصال حالما كان ذلك ممكناً, والمواجهة عند الضرورة. ويدللون على ذلك بأنهم سبق ان تحدثوا إلى روسيا في عهد ستالين, و إلى الصين خلال فترة حكم ماو. وأدى الحديث المباشر في الحالتين إلى حملهما على تغيير نظاميهما, وحان الوقت للحديث إلى إيران من دون أي شروط بحيث تكون المفاوضات شاملة.
والسؤال يتركز الان حول المسألة الرئيسية المتعلقة بإيران حول طبيعة عرض التسوية النووية الذي ينبغي اقتراحه. فبينما ينصب معظم التركيز على كيفية تصعيد الضغط على طهران, وتزامن الترهيب بالعِصي الغليظة بالترغيب بالجَزَرات الغضة. ويشكل ذلك تحولاً من ستراتيجية الماضي التي تركزت على التدابير المحدودة لبناء الثقة بينما تركت نهاية اللعبة غير واضحة. فلم يرض القادة الإيرانيون ولا الرأي العام -وفي إيران أو في جميع أنحاء العالم – بالمُحفزات المتواضعة جداً التي عُرضت على طهران أثناء محادثات بغداد في 2012. لكن العرض “المجدد” الذي يقال أن اميركا ستقدمه هو عرض أكثر سخاءً بكثير من سابقه.
على الجميع انتظار مفاجآت مدوية كمخرجات من الصفقات المنتظرة بين الجانبين!
خبير مصري في الشؤون السياسية والستراتيجية
مدير مركز الكنانة للدراسات الستراتيجية
mahmoudhanafia@gmail.com
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.