لم يكن الدستور الأمريكي ، ولا الأخلاق السياسية ، التي تحاول الإدارة الأمريكية تسويقهما على الناس بقادرين على حماية الأمريكان خارج أمريكيا من سياسة الاغتيلات التي نشطت عبر الأربع سنوات الماضية ، وفي شتى أصقاع العالم . ولم يكن الكتاب الأبيض الذي أصدرته وزارة العدل المبرر ، أو الشفيع المنطقي ، الذي يقي الإدارة الأمريكية من الانزلاق الكبير الذي وقعت فيه ، بعد أن أباحت لنفسها قتل الأمريكان خارج بلادهم من دون التشاور مع الكونغرس الموجود أصلا لحماية المصالح الأمريكية ، وفي مقدمتها حقوق المواطنين المدنية . قتل ما تسميهم الإدارة الأمريكية بالإرهابيين ، باستخدام الطائرات من دون طيار ، لم يشفع لها قتل العديد من الأبرياء الذين لا علاقة لهم لا بالمستهدفين ولا بسياسة الولايات المتحدة. كما حصل في اليمن وأفغانستان والباكستان وغيرها .الكتاب الأبيض مجموعة مبررات صاغتها وزارة العدل لتعطي الشرعية لما يمارس ضد المواطنين الأمريكان بحجج وأسباب ، قد يكون معظمها مبالغ فيه ، حيث ركز على قانونية القتل ، والظروف التي يُستباح بها القتل واستعماله ، خاصة إذا كان ضد القاعدة ، أو حلفائها باعتبار أن قتل أعضائها أمر مشروع ، يصب في الأمن القومي الأمريكي.
معركة حامية الوطيس ، بانتظار الرئيس الأمريكي ، بعد أن تقدم 11 عضوا من الكونغرس بطلب المبررات التي دفعت الإدارة الأمريكية إلى اتخاذ سياسة القتل بطيارات الكترونية من دون أخذ موافقة الكونغرس ، خاصة وأن الحديث عن مواطنين أمريكان يُستهدفون من قبل الآلة الأمريكية . كما ستقوم لجنة أصدقاء “الأمريكية للتشريع ” بدعوة مكونات المجتمع الأمريكي الدينية لبحث الحقوق المدنية للأمريكي والأسباب التي تستدعي قتله من دون محاكمة عادلة ، كما يُقرّها الدستور الأمريكي.
الجدل الدائر في ساحات السياسة والإعلام في أمريكا ، لم يترك هذا الأمر يمضي من دون تساؤل حول ماهية الخطر الداهم ، وتهديد الأمن القومي الذي يشكل الهاجس الذي يسمح بقتل الأمريكان وأبرياء معهم . ومن هو الذي يحدد مفهوم الخطر الداهم . من هو العدو ، ومن المخول بتصنيف الأمريكان خائنا أم مواليا ؟ ما حق الإدارة بالتصرف الإنفرادي ، والتعدي على حق المواطن الأمريكي في محاكمة عادلة علنية ، كما يقول ويؤكد الدستور ؟ ومن هي الدول التي في حرب دائمة مع أمريكا التي لها حق قتل أعضاء من القاعدة ، وأبرياء مستغلة مبدأ أنه لا قانون يمنع القتل في الحرب .
استخدام الطائرات الاكترونية من دون طيار، التي اعتبرتها إدارة أوباما إنجازا أمريكيًا يحقق الأهداف من دون خسائر تذكر ، إنما يُلبّي ما وَعَد به أوباما شعبه ، في بداية حملته الانتخابية الأولى بوقف جنازات الجنود الأمريكان ، بعد ان تزايدت نعوشهم في حروب أفغانستان والعراق ودول أخرى في العالم .
تبرير الإدارة الامريكية بالقتل يكمن بالتبريرات لا بالقتل نفسه ، وكأن القتل جاء من جراء خيانة عظمى ، أو في ساحة الحرب التي تبيح القتل ، إلا أن تبريرات الإدارة الأمريكية خلطت بين مصلحة الدولة العليا والمجتمع وحقوق المواطن التي تُقَدّس على غيرها في الدستور الأمريكي .
المسلمون في أمريكيا ، والعرب منهم ، ليست لهم خيارات عديدة في الاتجاه نحو أوباما ، فرغم دعمهم له ، حرصا منهم على مصالحهم الاقتصادية التي وعد بمعالجتها ضمن الوضع الاقتصادي الأمريكي بمجمله ، لكنهم اختلفوا معه بسياسته الخارجية ، التي أباحت القتل للأمريكان ، وخاصة ممن ينتمون للإسلام ، وأصبحت القاعدة هي قميص عثمان الذي يلبسونه لكل اغتيالاتهم وأعمال قتلهم . لماذا يقتلون الأبرياء في اليمن ، بحجة قتل إرهابي من القاعدة ، وهل اليمن في حالة حرب مع أمريكا حتى تبيح استخدام القوة حسب الدستور الأمريكي الذي أعطى الحق للجيش الأمريكي بقتل من يهدد امريكا من القاعده ؟ ومن هم في القاعدة أساسا ، ومن هم الذين يُغتالون على أيدي الأمريكان وغير الأمريكان ، أليسوا فقط من المسلمين؟
3.5 سنة بقيت على خلافة أوباما ، وما زالت ملفات الشرق الأوسط لم تحظ بأولوية كبرى لديه ، رغم تنصله من قيود الانتخابات ، وإذا لم يستطع أن يتقدم سياسيا ، بمعالجة الملف الايراني والسوري والفلسطيني، فإن رئاسته لن تخرج عن كونها 8 سنوات من الخداع والتضليل .
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.