Red Lines and Blank Faces

<--

كثيرة هي السمات التي تميز السياسات التي يتبعها الرئيس الأميركي باراك أوباما في ولايته الدستورية الثانية, ولعل ثلاثاً من تلك السمات تأتي في المقدمة عند استحضارها بدءاً من خطوطه الحمر ومروراً بوجوهه الصفر.

أولى تلك السمات وأبرزها هي خطوطه الحمر فيما يتعلق بالأزمة في سورية وتعيد هذه الخطوط الحمر إلى الذاكرة مثالاً يختلف اختلافاً كلياً من حيث الجوهر لكنه ينسجم مع السياسات والاستراتيجيات التي يعتمدها «الرئيس الديمقراطي» في التعامل مع مختلف القضايا, ولكن بطرق متشابهة شأنه في ذلك شأن خطوطه الحمر التي طرحها من قبل فيما يتعلق بمسألة الاستيطان لتنتهي فيما بعد ببناء الدولة العبرية لثمانية آلاف هكتار من المستوطنات على الأراضي الفلسطينية في حين أشبع أوباما العالم والسلطة الفلسطينية وعوداً بوقف الاستيطان أما ثاني السمات المميزة لسياسات أوباما عموماً في ولايتيه الدستوريتين الأولى والثانية فهي تردده المعروف والمعهود في اتخاذ القرار وتراجعه حتى عما يضعه من الخطوط الحمر إلى الدرجة التي تدفع بأعضاء مجلسي الشيوخ والنواب معاً إلى التذمر والتساؤل عن الدوافع الحقيقية لهذا التردد, وتبقى ثالث سمات استراتيجيات الرئيس الديمقراطي متمثلة في اعتماده على الأنظمة التي قام بزراعتها إلى الآن في منطقة الشرق الأوسط لتقوم بخدمة المصالح الأميركية في هذه البقعة شديدة الحيوية والتأثير في عالم اليوم, كما هو الحال في أفغانستان وباكستان حيث يتسنى لأوباما «الفخر» بسحبه للقوات الأميركية العاملة هناك ليعتمد بدلاً منها هجمات طائراته المسيرة عن بعد, هذا فضلاً عن اعتماده المعتاد على حلفائه التقليديين بدءاً من الدولة العبرية وامتداداً إلى السعودية بصفتها أقوى الحلفاء الأميركيين من بين منظومة دول الخليج الغنية بالنفط, ووصولاً إلى دولة قطر كمحمية أميركية تقوم هذه الأيام بأكثر الأدوار خطورة وأهمية بالنسبة للإدارة الأميركية من حيث الدعم الذي توفره الدوحة للتنظيمات الأصولية ذات الفكر «الجهادي التكفيري», وذلك على الرغم من كل إمكانية ارتداد هذه المجموعات التفكيرية لضرب أهداف حيوية أميركية وخليجية في مراحل لاحقة, إذا ما تسنى لها الانفلات من العقال الذي تحيطها به إدارة أوباما عبر أنظمة الخليج الملكية.

وفي الوقت نفسه, كثيرة هي تلك الوجوه الصفر التي تسود الساحتين الإقليمية والدولية لتوجه التهديدات لسورية إذا هي لم تبادر إلى الانصياع للرغبات الأميركية والأوروبية وتتوقف عن تهديد مصالح الحلفاء التقليديين في الشرق الأوسط وأبرز هذه الوجوه الصفر من غير علة هو وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الذي لم يستطع إخفاء فرحته برفع الحظر عن توريد السلاح إلى المجموعات الإرهابية في سورية أما الوجه الأصفر لعلة فهو وجه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الذي ما انفك يوجه التهديدات للحكومة السورية, وكم هو الفرق شاسع بينه وبين والده الملك فيصل وموقفه التاريخي بتهديده بقطع النفط عن العالم الغربي خلال حرب تشرين قبل أربعة عقود, أما ثالث الوجوه الصفر وأكثرها بروزاً على الساحة الإقليمية فهو وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون الذي يهدد بأن كيانه الصهيوني يدرك ما يجب عليه فعله في حال وصول منظومات الدفاع الجوي الروسية إس- 300 إلى الأراضي السورية.

كثيرة هي الخطوط الحمر التي يضعها أوباما ويغض الطرف عنها, وأكثر منها هي تلك الوجوه الصفر التي لا تتوانى عن توجيه التهديدات إلى سورية بمناسبة أو بغير مناسبة, كما لا تتوانى عن التعبير عن فرحتها بتوريد السلاح إلى الإرهابيين في سورية على اعتبار أن هذا السلاح هو الأداة الأكثر خدمة لمصالح أعداء الشعب السوري.

About this publication