Is America Changing?

<--

محمد عبيد

الرسائل العديدة التي أطلقها الرئيس الأمريكي باراك أوباما من على منبر الدورة الثامنة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة خلال انعقادها في مقر المنظمة الأممية في نيويورك، ليل الثلاثاء/ الأربعاء الماضي، وما انطوت عليه من إيضاح لخطوط السياسة الخارجية الأمريكية في المدى المنظور، حملت بوادر ما تجاه أكثر من ملف، ووضعت محددات التعاطي الأمريكي معها .

أكثر الملفات إثارة للاهتمام في الخطاب الأمريكي كان التطرق إلى الشأن المصري، وقول أوباما “سنواصل علاقتنا القوية مع الحكومة في مصر”، رغم الإشارة الى التوقف عن تقديم بعض الأنظمة العسكرية للقاهرة، والدعوة إلى “التوقّف عن استخدام العنف كطريقة لقمع المعارضة في مصر”، وتأكيد أن إدارته اختارت “عدم دعم أي طرف في مصر”، ففي الموقف الأول برز حرص واشنطن على عدم المساس بالعلاقة مع مصر، لكن ما تلا ذلك يحمل على الاعتقاد أنها لم تفك الارتباط تماماً بمشروع “الإخوان المسلمين” .

ومن ثم فإن الموقف عاد إلى التأرجح مع قول أوباما إن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي “انتخب ديمقراطياً، لكنه تبيّن أنه غير قادر على حكم مصر بشكل مطمئن”، وفي هذا إقرار من نوع ما بإرادة الشعب المصري، ولو أنه لم يصل إلى مرحلة الدعم والتسليم بهذه الإرادة وما يمثلها حالياً .

هناك تغيّر ما يمكن استشعاره من خلال الخطاب الأمريكي تجاه تطورات الأوضاع في مصر، وإن كان لا يرقى إلى مستوى ما يمكن قياسه بوضوح، كونه اكتفى بتعويم الموقف أكثر، وحاول البحث عن التوازن في خضم انعدام توازنه تماماً في السابق، ومراهنته على جماعة “الإخوان المسلمين” وموقفه المنحاز ضد الإرادة الشعبية التي أسقطت نظام حكمها بكل سلمية .

أوباما أرسل الإشارات، ولعل إدارته تأمل أن تسارع الحكومة المصرية إلى تلقف هذه الإشارات التي لا تنطوي على مواقف واضحة وصريحة، والمبادرة إلى تقوية العلاقات والاتصالات والتنسيق، لكن هذا لن يمر على الحكومة المصرية بهذه البساطة، والأرجح أنها ستحافظ على الوضع الراهن في علاقتها مع واشنطن، كون لا شيء تغير فعلياً من جانب الأخيرة .

لعل الإدارة الأمريكية تحاول العودة تدريجياً في مواقفها، حتى لا تظهر وكأنها تقدم تنازلاً كبيراً، لكن الأكيد أنها ستتراجع عن كل مواقفها السلبية تجاه الأوضاع في مصر، وذلك يعود إلى جملة من الأسباب، على رأسها التطورات الإقليمية المتسارعة والمتصاعدة، ومحاولات التوصل إلى تسويات كبرى على مستوى أكثر ثلاثة ملفات رئيسة، بات من المؤكد لدى واشنطن أنه لا مجال لتحييد مصر عن لعب دورها فيها، وهذه الملفات هي؛ التسوية السياسية في فلسطين المحتلة، وحل الأزمة السورية الدامية، إلى جانب محاولة رسم خريطة العلاقات السياسية في المنطقة من خلال اعتماد مقاربة دبلوماسية مع الملف النووي الإيراني .

الإدارات الأمريكية المتعاقبة عودتنا على نهج سياسي يعتمد مقاربة خلط الملفات ومحاولة ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، ويبدو أن هذا ما تسعى إليه إدارة أوباما في الوقت الحالي .