مليارات عمليات التجسس الاميركي التي لم تسلم منها دولة في العالم، اثارت موجة متفاوتة الحدة من ردود الافعال، خصوصا في الدول الحليفة التي تعرض رؤساؤها وقياداتها للتجسس المباشر. وقد اظهر الكشف عن هذا الرصد الالكتروني لما يدور حتى في غرف النوم حجم القدرة الاميركية على التحكم بالشان العالمي . وربما كان هذا هو الهدف الاول من الكشف ،الذي جاءت بواكيره عبر حصان طروادة اسمه سنودن الموظف السابق في وكالة المخابرات الاميركية واللاجئ حاليا في روسيا، وقبله الحصان الاخر الذي يحمل اسم اسانج صاحب موقع ويكيليكس ،الذي سرب مئات الملايين من الوثائق الاميركية المتصلة بالاوضاع الداخلية لمختلف دول العالم والعلاقات بين الدول وما زال مختبئا في احدى السفارات.
ومن الملاحظ في مجمل ردود الافعال الدولية على هذا الكشف ان المسالة تتعلق بموجبات الدبلوماسية لااكثر. وقد كانت اقوال الرئيس الاميركي باراك اوباما هي الاوضح في هذا الشان حين قال ان الكل يتجسس على الاخر ، في حين تحدث مسؤولون اميركيون اخرون عن ضرورة تقنين التجسس وليس التراجع عنه ، في اشارة اعتذار شكلية لرؤساء الدول والمسؤولين الحلفاء الذين تم التجسس عليهم شخصيا .وبالتالي فان السؤال عن الجديد في التجسس المكشوف عنه يقود الى السؤال عن النتائج غير المعلنة المترتبة عليه. ففي الشق المعلن انتهت المسالة عند استدعاء بعض الدول للسفير الاميركي،واعلان الولايات المتحدة اجراء مراجعة بشان ضوابط التجسس على الاخرين.
اما حقيقة الامر فان التجسس الملياري الاميركي على مختلف دول العالم اوصل الرسالة الاهم والمتمثلة في ان جميع من على هذا الكوكب من زعماء ومسؤولين ومواطنين هم تحت الرقابة الاميركية.وان التطور الاميركي في التجسس الالكتروني قد وصل الى هذه الدرجة من التقدم. ومن المؤكد ان صناعة التجسس الاميركي والعالمي ستشهد انتقالا نوعيا جديدا مع هذا الكشف، بالضبط كما كان يحصل مع الصناعات الدوائية لدى الكشف عن امراض جديدة. والتي كانت تجني المليارت مع كل كشف عن مرض جديد، مثل الايديز ومسلسل الانفلونزات.وليس من المستبعد ان تكون شركات الاتصال وتكنولوجيا المعلومات الاميركية وامتداداتها العالمية قد بدات حملتها التسويقية للوقاية من التجسس في اسواق دول العالم التي تعرضت لغزوة التجسس الملياري الاميركي.كما ان هذه الشركات بدات على الارجح ايضا في تطوير بدائل الاجهزة والادوات المكتشفة في عمليات التجسس ، لتحقق المزيد من الارباح بالارقام المليارية نفسها لعمليات التجسس.وبين استعراض اميركي للقوة عبر الكشف عن اضخم عمليات تجسس في التاريخ البشري، وذهول دولي من مدى الانكشاف بمواجهة التكنولوجيا الاميركية المتطورة، ستدور الة البحث والتطوير الالكترونية لتقطف ثمار الحرب العالمية الجديدة التي شنتها الولايات المتحدة على العالم ،وكانت حصة الاردن منها اكثر من مليار ونصف عملية تجسس الكتروني.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.