Edited by Sean Feely
توقعات المخابرات الأميركية لسورية
التحليل الذي عرضه المحلل الأميركي ديفيد غارتنشتاين روس أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، يرسم صورة سوداوية لمستقبل الوضع في سورية.
روس قال إن المخابرات الأميركية ترجح استمرار الصراع في سورية لعشر سنوات مقبلة على أقل تقدير. وشكك في رغبة الولايات المتحدة إنهاء الصراع، قائلا: “تنقصها الرغبة الحقيقية في إنهاء الحرب في سورية”. وأضاف: “إن الدور الذي يلعبه الجهاديون داخل المعارضة السورية، أقنع الدول الغربية بالعدول عن زيادة تدخلها” لإسقاط النظام.
تقدير المخابرات الأميركية لا يبتعد كثيرا عن توقعات الخبراء والسياسيين في المنطقة؛ فمسار الصراع يشير بوضوح إلى أمرين أساسيين: عدم قدرة الطرفين على الحسم العسكري، وعجز الخيارات الدبلوماسية عن تسوية الصراع سياسيا؛ فشل “جنيف2” يعد مثالا حيا على ذلك.
في وقت قريب، سيترشح الأسد لولاية جديدة، ويفوز بالطبع؛ التقدم الميداني الذي يحرزه الجيش السوري، والعجز الدولي، يغريان الأسد بعدم التراجع. لكن فوز الأسد لا يعني شيئا في الميدان؛ الصراع سيستمر، وعلى كل الجبهات، مع فصائل المعارضة والجماعات المتطرفة، من دون أدنى فرصة للانتصار. ذلك يعني ببساطة استمرار الحرب لسنوات.
نتيجة هذا الخيار مأساوية على مستقبل سورية؛ ليس لجهة الضحايا والدمار الذي تخلفه الحرب فقط، وإنما لما يعنيه أيضا من تفكك لوحدة سورية الجغرافية والسكانية.
لا يمكن لشعب متعدد الطوائف والإثنيات أن يستمر موحدا بعد عشر سنوات من الاقتتال. ما من نموذج في التاريخ المعاصر يوحي بغير ذلك. يوغسلافيا أحدث مثال، وأوكرانيا ربما تكون على طريق الانقسام حتى من دون حرب أهلية.
عربيا، العراق ما يزال غير قادر على الاحتفاظ بكياناته موحدة، والصومال فشلت من قبل، وأخيرا وليس آخرا السودان.
قد لا تواجه سورية خطر التقسيم على المدى القريب، لكنها بصدد خطر أكبر، هو التفكيك؛ وهو أسوأ ألف مرة من التقسيم. التفكيك يعني انهيار السلطة المركزية من دون أن تحل مكانها سلطات بديلة، قادرة على فرض سيطرتها الفعلية، فتتحول البلاد إلى جزر متفاوتة الأحجام والمساحات، تحكمها الجماعات المسلحة والعصابات التي تستمر في حالة لا تنتهي من الاقتتال العبثي.
ستدفع حالة كهذه بالمزيد من السوريين إلى اللجوء خارج ديارهم. وقياسا على أعداد اللاجئين حاليا، فإن ما لا يقل عن خمسة ملايين سوري سيضافون إلى سجلات اللاجئين في السنوات العشر المقبلة.
يبدو من تطور الأحداث أن القوى الإقليمية والعربية مستسلمة تماما لهذه الحقيقة المأساوية في سورية، وليس بيدها سوى انتظار المعجزة؛ والمعجزة هنا صفقة أميركية-روسية لتسوية الأزمة.
لكن على فرض صحة هذا التقدير إن وقع، فإن قدرة القطبين الروسي والأميركي على فرض التسوية على الأرض تتضاءل مع مرور الوقت. فقد لايجد الروس والأميركيون من يصغي إليهم من الفرقاء السوريين، وحتما لن تمتثل قوى “الجهاد” الوافدة لطلباتهم.
في بدايات الأزمة، قيل إن الحل في يد السوريين أنفسهم، لكن الفرصة ضاعت. وانتقل ملف الأزمة ليد العرب، وفشلوا كالعادة في احتواء الأزمة. ثم تدحرج الملف فأصبح دوليا بامتياز، بيد أن المجتمع الدولي المنقسم أخفق إخفاقا ذريعا.
ما كان يحصل في الواقع أنه وفي كل مرحلة، كانت الجهة التي تتسلم الملف تتحول إلى طرف في الصراع؛ الدول العربية ومن ثم الدول الكبرى. بالنتيجة، الجميع تورطوا في الدم السوري؛ كلهم يبحثون عن أدوار في سورية، وليس عن الحل.
إزاء وضع كهذا، يصبح الكلام عن استمرار الصراع لسنوات عشر مقبلة هو الحل في سورية!.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.