ماذا فعل بن لادن بفتوى سيد قطب التى أعلن فيها طبيعة العلاقة بين المسلم والدولة العلمانية سواء كانت فى الغرب أو فى العالم الإسلامى. وكانت فتواه تساوى بين الدولة العلمانية والجاهلية، الأمر الذى يلزم منه ضرورة محاربة العلمانية للقضاء عليها؟
التزم بن لادن بالفتوى واستقر فى أفغانستان فى صيف 1996. ومن هناك أعلن الحرب على أمريكا لطردها من شبه الجزيرة العربية. وكان من رأى بن لادن أن ذلك الطرد هو أحد مكونات القتال الكوكبى بين أمريكا وحلفائها من جهة، والعالم الإسلامى من جهة أخرى.
وفى سبتمبر من عام 1997 اتسعت دائرة الجهاد، إذ نظمت المخابرات الإيرانية مؤتمراً دعت إليه القيادات الإرهابية من مختلف أنحاء العالم تحت غطاء الاحتفال بالذكرى السنوية للحرب بين إيران والعراق. وكان من بين المشاركين أيمن الظواهرى نائب بن لادن وأحمد جبريل زعيم «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، وثلاث قيادات من حزب الله. وقرر المشاركون أن يكون من مهام الإرهابيين الهجوم على البعثات الدبلوماسية والتجارية الأمريكية والغربية. وإثر ذلك أسس بن لادن «مجلس حرب» فى أفغانستان من كبار القيادات الإسلامية الدولية، وكلف أيمن الظواهرى ومَنْ معه من المصريين الأفغان بتنفيذ عمليات يكون من شأنها إسقاط نظام مبارك. وفى 17 نوفمبر 1997 نفذت قوات الظواهرى مذبحة الأقصر حيث قُتل سبعون سائحاً أوروبياً وجُرح أكثر من مائتى سائح. إلا أن أمريكا لم تعلن إلا جزءاً من الحقيقة وهو أن عدوها الأول هو التطرف الإسلامى، أما الجزء الآخر فقد أخفته وهو أن تدمير أمريكا لن يتم إلا بأيدى المسلمين. وهنا قرر الرئيس الأمريكى بيل كلينتون إجراء مباحثات بين أيمن الظواهرى وممثل عن المخابرات الأمريكية اسمه «أبو عمر الأمريكى» تم الاتفاق فيها على أن أمريكا لن تمنع الإسلاميين من الاستيلاء على السلطة فى مصر إذا امتنع المسلمون المجاهدون عن مهاجمة الجيش الأمريكى فى البوسنة والهرسك. وقد كان، إذ قدم ممثل المخابرات الأمريكية خمسين مليوناً من الدولارات إلى الجمعيات الإسلامية الخيرية فى مصر. وبعد ذلك أصبح الرئيس السابق مبارك على يقين من أن مستقبله مرهون بالتحالف مع إيران استعداداً للتصادم مع إسرائيل. وفى إطار هذا التحالف يمكن لمصر أن تكون لها القيادة فى العالمين العربى والإسلامى، ومن ثم يمتنع سقوط نظامه.
ومع بداية عام 1998 بدأ تعاون أمريكا مع الإسلاميين وانجرفت مصر نحو القيادة الجهادية للعالم الإسلامى. وفى بداية فبراير من ذلك العام تم التعاون الاستراتيجى بين العراق وإيران وسوريا ومصر، ومن ثم بدأت إيران فى تحريض جيرانها على التعاون معها. ولم تفلت مصر من هذا التحريض. ففى 13 فبراير من ذلك العام تظاهر ما يقرب من سبعة آلاف طالب فى جامعة الأزهر مطالبين بالجهاد ضد أمريكا بسبب تهديدها للعراق وكان الهتاف السائد «لا إله إلا الله بيل كلينتون عدو الله». وإثر ذلك بدأت الدعوة إلى تشكيل حكومة إسلامية فى مصر. وفى 7 أغسطس من نفس ذلك العام انفجرت قنبلتان أمام السفارة الأمريكية بنيروبى عاصمة كينيا وبدار السلام عاصمة تنزانيا، وقد تم هذا الانفجار بقرار من بن لادن تهديداً لبيل كلينتون، الذى امتنع، فيما بعد، عن مواجهة الإسلاميين فى باكستان. إلا أن هؤلاء امتنعوا عن التعاون معه كما امتنعت المخابرات الباكستانية لأنها كانت على وعى بأن تعاونها مع أمريكا من شأنه أن يدفع إلى «الدخول فى حالة حرب» مع الإسلاميين الجهاديين.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.