من الواضح أن قطار الانتخابات الرئاسية الأمريكية سينطلق بمرشحين اثنين حسما معركتيهما مع خصومهما، الأول المرشح عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، والثاني رونالد ترامب، الذي سيمثل الحزب الجمهوري.
وعلى الرغم من انطباعات الكثيرين السابقة عن ترامب، من أنه من العبث أن يصل إلى سباق الرئاسة ومن ثم البيت الأبيض، إلا أن خطابه التحريضي والعنصري اكتسب فعالية خلال الأشهر القليلة الماضية واستطاع أن يحسم كثيراً من الجولات ضد خصومه، فيما كان وصول كلينتون، وهي صاحبة تاريخ طويل في العمل السياسي والحقوقي، متوقعاً، لكن أحداً لم يكن يتوقع أن يشهد مثل هذا السيناريو في الانتخابات الأمريكية.
ربما استفاد ترامب من الجو المشحون ضد المسلمين في الكثير من دول العالم، إذ إنه يتحدث بصراحة عن التطرف في أوساط المسلمين، وقد رأينا العديد من المعارك في حملاته الانتخابية خلال الأسابيع القليلة الماضية بين مؤيدين ومعارضين لتوجهاته ومواقفه.
مع ذلك فإن ترامب وخطابه التحريضي لم يكن ليلقى رواجاً لولا النموذج السيئ الذي تقدمه التنظيمات الإرهابية في الدول الإسلامية إلى العالم، منها «داعش» و«القاعدة»، حيث يرتكب التنظيمان الكثير من الجرائم في حق أبناء أمتهما أكثر مما يرتكباه ضد الآخرين.
نموذجا «داعش» و«القاعدة» أساءا إلى الإسلام والمسلمين، ودفعا بالكثير من الناس إلى تركيز هجومهم على الإسلام، خاصة وأن تأثير هذين النموذجين وصل إلى دول أوروبا بشكل خاص، وقد رأينا العمليات الإرهابية التي استهدفت مؤخراً بلجيكا، وقبلها فرنسا وإسبانيا وغيرها من الدول الأوروبية، التي صارت تعيش على إيقاع الخوف من هجمات التنظيمات المتطرفة، مقرنة إياها بالإسلام والمسلمين.
من يخدم التطرف إذاً ؟ ولماذا هذا التركيز على الإساءة إلى الدين الإسلامي، ولماذا هذه المخاوف وال«فوبيا» من الإسلام في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من دول العالم؟
في موازاة هذه الأسئلة تبرز أسئلة من نوع آخر تتناول الصمت الغربي عن تفريخ هذه التنظيمات الإرهابية وتشجيع أعمالها والترويج لها، وعدم الجدية في محاربتها منذ بدء ظهورها، بل إن كثيراً من التقارير تشير إلى الرضى الأمريكي والغربي عن الدور الذي تقوم به مثل هذه التنظيمات الإرهابية لأنها تساعد على تكوين صورة سلبية وسيئة عن الإسلام والمسلمين، حتى لو كان هناك ضحايا من أوساط هذه الدول؟
الأكيد أن التطرف خدم، ولا يزال يخدم بعض الدول التي تريد ابتزاز المسلمين بالمتطرفين من أبنائها، وإلا كيف لها أن تشجع حضور تنظيمات إرهابية بمثل هذه الكثافة وتفتح أمامها الأموال للتوسع والتمدد في معظم الأراضي التي تخوض فيها المعارك، بخاصة سوريا والعراق وليبيا وغيرها من الدول التي تعاني مآسي تطرف أبنائها، الملتحقين في صفوف «داعش» و«القاعدة».
والمشهد الماثل أمامنا يؤكد أنه فيما يتقاتل المسلمون فيما بينهم، يكون ترامب، قد حقق مراده باستغلال التطرف في البلاد العربية والترويج له في حملاته الانتخابية.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.