مرت بالأمس الذكرى العاشرة لما أطلق عليه أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي تم من خلالها تدمير رمز من رموز الرأسمالية العالمية ورمز من رموز الاستعمار الجديد، وستمضي سنوات حتى يتمكن الفرد العادي من معرفة حقيقة تلك الأحداث وهل هي فعلا من فعل تنظيم القاعدة، ذلك التنظيم الذي جعلت منه الولايات المتحدة الأميركية بمثابة الفزاعة والشماعة في نفس الوقت، فزاعة تحاول منها إدخال نوع من الخوف على الأنظمة المتهاونة معها، وفي نفس الوقت شماعة تضع عليها جميع أسباب أعمالها المناقضة لحقوق الإنسان سواء داخل أراضيها من خلال التشريعات المخلَّة بحقوق الإنسان التي رضي بها المواطن الأميركي في نوع من غسيل الدماغ الذي مارسه عليه الإعلام الأميركي بعد الأحداث والذي استخدم في سبيل ذلك كلمة “ الإرهاب “ بدون تحديد للمعنى والمقصد منها بل فقط لزرع الرعب في نفوس الأميركان وجعلهم يتقبلون ما يملي عليهم وكأنهم هم الذين يطلبونه، أو ما قامت به تلك الدولة في الخارج وغيرت الكثير من المفاهيم والأنظمة وجعلت كلمة حقوق الإنسان وحق تقرير المصير بمثابة مفاهيم قديمة لا معنى لها.
بسبب تدمير المبنيين (برج التجارة العالمي) قامت الولايات المتحدة الأميركية بسرقة العالم بأسره وحولت بلدين إسلاميين من بلدين مستقلين إلى بلدين تابعين لها وقتلت في أيام أو أسابيع من الأنفس البشرية ما لم تقتله حرب الخليج التي استمرت ما يقرب من عشر سنوات، وهي في الحقيقة لم تقم بذلك من أجل المباني التي تم تدميرها بل من أجل أمور أخرى كثيرة منها خدمة الرأسمالية الجديدة وشركات السلاح الأميركية وبسط نمط جديد من الإستعمار يقترب في الشكل من الاستعمار القديم الذي كان يستخدم القوة العسكرية لاحتلال البلدان الأخرى ويتفق في المفهوم والهدف في السيطرة على تلك البلدان وتسييرها في ركب الجولة المستعمِرَة.
من غير الواضح حتى الآن من قام بذلك العمل الذي ألصقه بوش ببن لادن والقاعدة في خلال ثلاث ساعات فقط وقبل أن يبدأ أي تحقيق في الحدث، وألصقه الكثير من الباحثين والمتابعين بجهة مخابراتية، قد تكون المركزية الأميركية أو بتعاون بينها وبين جهات مخابراتية أخرى، فالظاهر يقول أن القاعدة كانت وراء ذلك العمل بسبب عداء زعيمها للولايات المتحدة الأميركية وممارسات هذه الدولة في الأقطار العربية والإسلامية، ولكن المنطق يرفض ذلك للكثير من الأسباب، أولها القدرة التي يتمتع بها التنظيم والتي تجعل من الصعب عليه القيام بذلك الفعل الذي يحتاج إلى الكثير من الإعداد والتنظيم والإمكانات غير المتوفرة لديه إضافة إلى القدرات الهائلة التي تتمتع بها الأجهزة الأمنية والمخابراتية الأميركية والتي لا تفوتها شاردة ولا واردة في العالم أجمع والتي تستمع حتى إلى محادثات رؤساء وزعماء الدول الأخرى من خلال التنصت الواسع الذي تقوم به فكيف تعجز عن اختراق مكالمات فرد يعيش في كهف بعيد ولديه إمكانات متواضعة جدا مقارنة بما لدى تلك الدولة وأجهزتها.
وثانيا أن الولايات المتحدة الأميركية كانت تبحث عن عدو يضمن لشركات السلاح الأميركية استمرار سيطرتها على الأسواق واستمرار تدفق الأرباح في خزائنها، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي لم يكن أمامها سوى الإسلام والمسلمين وكلمة الإرهاب الإسلامي التي انتشرت كالنار في الهشيم بعد ذلك وأصبح كل عربي ومسلم متهم ومدان بسبب وبدون سبب، فهم جميعا مذنبون حتى تتبين براءتهم، وتم استخدام تلك الكلمة بدون تحديد للمعنى ولا الأثر ولا جهة محددة تلصق بها، واستخدمها المدعو بوش لاستصدار ما يريد من تشريعات وإقرار ما يريد من ميزانيات لمحاربة تلك الكلمة دون أن يحدد كيف ولا أين ولا من.
بعد عشر سنوات من تلك الحادثة تغير العالم كثيرا وسرقت أميركا بلدين إسلاميين وساهمت في هيمنة ما يسمى بإسرائيل على المنطقة العربية وجعلت منها تعربد كما تشاء دون رادع، فالجميع خائف من أن تلصق به تلك الكلمة والجميع يطلب الرضى من الدولة العظمى خشية وضعه على قائمة تلك الكلمة، والجميع انبطح كما لم ينبطح من قبل، وكانت أكثر الأمم المتضررة من ذلك هي الأمة العربية، ولكن هل انتهى الأمر عند ذلك الحد؟ وهل خسرنا كعرب كل شيء؟ وهل انبطحت الشعوب العربية كانظمتها؟ وللحديث صلة.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.