America, Enemy of the Spring

<--

تصريحات الوزيرة المصرية أبو النجا الجريئة، وضعت النقاط على الحروف ، وقطعت الطريق على أصدقاء أميركا وعملائها… المسبحين بحمدها، والمتنطعين دوما للدفاع عنها، وتبرير جرائمها، فواشنطن تعمل لاجهاض الثورة المصرية، وقامت بتمويل مؤسسات أهلية مصرية، ترفع شعار الأعمال الخيرية، وبثت فيها عناصر يعملون لمصالحها ومصالح اسرائيل، هدفهم الأول هو الاساءة للثورة.

ومن هنا جاءت تصريحات، أو بالأحرى تهديدات «أوباما» وأركان ادارته، بقطع المساعدة عن مصر اذا لم تقم بوقف مداهمة وتفتيش مؤسسات المجتمع المدني، واطلاق سراح الاميركيين المتهمين، وعددهم «19» عنصرا، وهذا يؤكد ما أشارت اليه أبو النجا، ويؤكد أن واشنطن تعمل على اختراق مؤسسات المجتمع المدني، وبث السموم في المجتمع لحرف الثورة عن مسارها الصحيح، والذي لن يكون بالتأكيد لمصلحتها ومصلحة عدو الامة اسرائيل.

فاذا ما قمنا بتوسيع دائرة البيكار قليلا، نجد ما قالته الوزيرة ينطبق تماما على تحليلات محمد حسسنين هيكل، في حديثه المطول الذي نشرته جريدة «الاخبار» المصرية، على حلقات الاسبوع الماضي، وأبرز ما فيه أن التدخل الاميركي والغربي تحت مظلة الجامعة العربية، وتحت ستار دعم الثورات وحماية المدنيين، هو قطعا لاجهاض هذه الثورات، وجرها الى بيت الطاعة الامريكي الغربي، فكما قامت بريطانيا بطعن الثورة العربية الكبرى، وخانت العهود والمواثيق، فلن يكون مصير الثورة الليبية بأفضل منها، وها هو المفكر الفرنسي الصهيوني «برنار ليفي» يعترف بأنه كان وراء الاستعانة بحلف «الناتو»، وهو من قام بكتابة بيانات المجلس الانتقالي، وحمل رسالة منه الى نتنياهو بان ليبيا الثورة مستعدة للاعتراف بالدولة اليهودية..وما جرى في اليمن ليس ببعيد عن تدخل واشنطن، «فالحل الخليجي» ابقى على النظام بعد استقالة الرئيس صالح، في محاولة ذكية للالتفاف على الثورة وضربها من الداخل.

ان ما يجري في سوريا ليس حبا بالثورة ولا بالشعب السوري, وانما هو فرصة لامريكا واصدقائها، لركوب موجة هذه الثورة والسيطرة عليها وعلى سوريا في حالة نجاحها.

ان تحليلات هيكل هذه، وهي تحيط بالصورة كاملة، وتلتقط تفصيلاتها للاجابة عن الكثير من الاسئلة والتساؤلات, تؤكد ان امريكا والتي فاتها قطار الثورتين التونسية والمصرية, تعمل جاهدة لركوب ظهر الثورات الاخرى..اليمنية, الليبية, السورية للسيطرة على هذه الدول باسم الربيع العربي, وهذا من شانه ان يقصم ظهر هذا الربيع الذي يبشر بتغيير جذري في حياة الامة من الماء الى الماء, ويعيد اليأس والاحباط للشعوب العربية من جديد.

نتفق مع هيكل في كثير مما قاله, ونتفق تماما مع تصريحات الوزيرة المصرية ابو النجا, ولكننا نعتقد ان التدخل الامريكي الغربي, او بالاحرى العدوان الامريكي السافر على الربيع العربي هذا، لن ينجح، ولن يحقق اهدافه كما تطمح واشنطن, لان الشعوب العربية التي ثارت ضد حكامها القمعيين, الاستبداديين, الفاسدين, هي ايضا تثور ضد سياسة هؤلاء الحكام, سياسة التبعية لامريكا والسمسرة للعدو الصهيوني, وسياسة جر البلاد والعباد الى مربع الاستلام بالكامل وهو ما تجسده الوقائع على الارض.

باختصار..امريكا ومن لف لفها تحاول ركوب موجة الربيع العربي, ولكنها لن تستطيع في النهاية رغم تحقيقها نجاحات نسبية كما حصل في ليبيا ، ان تصادر هذا الربيع ، وان تكسر ظهر الثورات العربية، بعد ان عرفت الشعوب الحقيقة كاملة, وهاهي تثور ضد الانظمة وضد عمالتها وتبعيتها لامريكا ومهادنتها للعدو الصهيوني.

ولكل حادث حديث.

About this publication