Reality Check: The Americans’ Critical Case, Military Clarification Required

<--

كنت دائما متعاطفا مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة في قراراته وإجراءاته التي يتخذها للعبور بمصر في هذه المرحلة الانتقالية إلي بر الأمان.

وقلت دائما ان المجلس الأعلي يمشي علي الشوك نظرا لعدم وضوح الرؤية في هذه المرحلة وعدم اتفاق القوي الفاعلة في المجتمع علي خطة محددة للوصول إلي الهدف الذي ينقل مصر إلي مرحلة الديمقراطية الكاملة.

لكن الانقلاب الدراماتيكي المفاجيء في قضية الأمريكيين المحالين إلي المحاكمة بتهمة العمل السياسي في مصر تحت مظلة جمعيات حقوق الإنسان والمجتمع المدني.. وتوقف محاكمتهم بعد الضجة المثارة حولهم أحدث رد فعل سيئا وسلبيا لدي الرأي العام جعلنا نتساءل: لماذا هذا التحول المفاجيء في القضية؟ ولماذا الافراج عن الأمريكيين والسماح لهم بمغادرة البلاد؟ وما هو السر وراء تنحي هيئة المحكمة عن نظر القضية؟ وما هو وجه الحرج الذي دفع المحكمة لاتخاذ هذا القرار؟

الذي لا شك فيه ان هناك ضغوطا وقعت علي مصر للتراجع عن هذه القضية.. وهذه الضغوط لا يسأل عنها جهاز القضاء وإنما المسئول الأول هو المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي يحكم مصر في هذه الفترة.

هيئة المحكمة وقع عليها نوع من الضغوط من جهات قضائية أعلي.. وهذه الجهات لم تتخذ هذا الموقف من تلقاء نفسها وإنما وقع عليها ضغوط من السلطة التنفيذية التي هي المجلس الأعلي وليس الحكومة المصرية التي لا حول لها ولا قوة بالنسبة لهذه القضية.

القاضيان المستشاران سامح أبوزيد وأشرف العشماوي اللذان قاما بالتحقيق في القضية يدرسان اعلان تنحيهما عن استكمال التحقيقات في ملف التمويل الأجنبي لجمعيات حقوق الإنسان تضامنا مع المستشار محمد محمود شكري رئيس المحكمة التي تنحت عن نظر القضية نتيجة لتعرضه لضغوط من المستشار عبدالمعز ابراهيم رئيس محكمة الاستئناف لإلغاء حظر سفر المتهمين الأجانب الذين غادروا البلاد بالفعل علي طائرة عسكرية أمريكية.

كان من الطبيعي أن يكون رد الفعل عنيفا في الأوساط السياسية والبرلمانية لأن هذا التدخل في شئون القضاء يعيدنا إلي الخلف عندما كان النظام السابق يتدخل مباشرة في أعمال السلطة القضائية ويسيرها طبقا لأهوائه واغراضه.

هناك اتهامات متبادلة بين القاضي محمد محمود شكري رئيس المحكمة المتنحي وبين القاضي عبدالمعز إبراهيم.. فالأول اعلن ان الضغط وقع عليه من الثاني والثاني ينكر انه طلب من شكري رفع الحظر عن سفر المتهمين.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أعلنت علي لسان اكثر من مسئول وفي مقدمتهم هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية ان قضية الأمريكيين المحتجزين في مصر بتهمة انحرافات جمعيات حقوق الإنسان والمجتمع المدني في طريقها إلي الحل بعد وصول أكثر من مبعوث أمريكي واجتماعهم مع المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة وهو ما حدث بالفعل.

وبصرف النظر عن المواقف الحادة التي تتخذها الآن احزاب سياسية ونواب برلمانيون لمساءلة الحكومة ووصفها إجراء الافراج عن الأمريكيين وسفرهم بأنه جريمة في حق الوطن وانصياع لضغوط امريكية مرفوضة علي مصر.. فإن الموقف الآن يتطلب توضيحا صريحا من المجلس الأعلي.

نريد أن نعرف مدي الضرر الذي كان سيقع علي مصر لو استمرت الإجراءات القانونية ضد المتهمين الأمريكيين.. نريد أن نعرف مدي هذه الضغوط التي تجعل مصر تتنازل لهذه الدرجة عن ممارسة سيادتها علي كل شئونها وتخضع لطلبات الادارة الأمريكية.

يجب علي المجلس الأعلي ان يتكلم ويشرح الأسباب وهل كانت هناك مصلحة عليا لبلدنا تجعلنا نخضع لهذه الدرجة؟! ان لم يتكلم المجلس الأعلي سوف يفقد كثيرا من مصداقيته خاصة ان أمامه اربعة شهور من الآن لتسليم الحكم إلي سلطة مدنية.

ويبقي أن نحيي حكومة الولايات الأمريكية علي دفاعها المستميت عن رعايا في الدول الأخري لهذه الدرجة في الوقت الذي يتعرض فيه أكثر من 3 آلاف مصري في الخارج للسجن دون ان نحرك ساكنا للدفاع عنهم.

About this publication