Edited by Laurence Bouvard
أفْتَرِض وأتوقَّع أنَّ الكُرَة الآن في ملعب نتنياهو; فإنَّ على رئيس الوزراء الإسرائيلي أنْ يجيب, بالقول والفعل, عن “سؤال الثِّقة”; فهل هو يَثِق, أم لا يَثِق, بـ “تَعَهُّد” أوباما, الواضح والجَليِّ, في المؤتمر السنوي لأقوى جماعات الضغط الموالية لإسرائيل في الولايات المتحدة, بأنَّه (وإدارته) لن يسمح لإيران بحيازة القنبلة النووية, ولو اقتضى الأمر استخدام القوَّة العسكرية (لبلاده) ضدَّ برنامجها النووي (قُبَيْل تمخُّضه عن قنبلة نووية, وإذا لم يتمخَّض الجهد الدبلوماسي, والعقوبات والضغوط الاقتصادية الشديدة, والمتزايدة الشِّدَّة, عن ثَنْيِها عن صُنْع وامتلاك السلاح النووي).
وحتى لا يبقى لدى نتنياهو ما يَسْتَذْرِع به للارتياب من هذا الموقف الأشد وضوحاً للرئيس أوباما قال أوباما إنَّ للأمن القومي للولايات المتحدة مصلحة قوية في منع إيران من حيازة سلاح نووي; ولسوف يمنعها (الرئيس أوباما) من ذلك ولو لم تكن إسرائيل هدفاً لـ “الغضب الإيراني”.
ولا شكَّ في أنَّ هذا الذي قاله أوباما يُعَبِّر عن خشيته, أيضاً, ممَّا أبدته إسرائيل من عزم على أنْ تُوجِّه إلى المنشآت النووية الإيرانية “ضربة عسكرية إجهاضية وقائية”, قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في تشرين الثاني المقبل, وبما يُباغِت إدارة الرئيس أوباما التي ما زالت تقف من البرنامج النووي الإيراني موقفاً يُفْهَم منه أنَّ لها مصلحة الآن (وحتى تشرين الثاني المقبل على الأقل) في عدم اللجوء إلى الخيار العسكري, وفي منع إسرائيل, أيضاً, من اللجوء إليه.
ومع أنَّ نتنياهو أشاد بقول أوباما إنَّ “كل الخيارات ما زالت مطروحة” لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي فإنَّ “السرور” الذي أبداه رئيس الوزراء الإسرائيلي هو ما يبعث على القلق; فلقد أعرب عن “سروره” لكون الرئيس أوباما قال, في الوقت نفسه, “إنَّ على إسرائيل أنْ تستمر في الدفاع عن نفسها ضدَّ أيِّ تهديد”; وهذا إنَّما يعني, بحسب تفسير وتأويل نتنياهو, أنَّ إسرائيل يحِقُّ (وينبغي) لها أنْ تُوجِّه إلى المنشآت النووية الإيرانية “ضربة إجهاضية وقائية” إذا ما توصَّلت إلى استنتاج مؤدَّاه أنَّ إيران أصبحت قاب قوسين أو أدنى من صُنْع القنبلة النووية; فهذه الضربة الممكنة قبل ولادة القنبلة النووية الإيرانية تغدو مستحيلةً بَعْدها.
وإذا كان للرئيس أوباما مصلحة الآن في أنْ يبدي ثِقَةً, أو شيئاً من الثِّقَة, بجدوى خيار “العقوبات الاقتصادية”, و”الجهود الدبلوماسية”, فإنَّ لنتنياهو مصلحة مختلفة, لا بل مضادة; ومصلحته هذه تقضي بأنْ يُصَوِّر “النتائج” التي انتهت إليها حتى الآن هذه “الجهود”, وتلك “العقوبات”, على أنَّها مَدْعاة للإسراع في توجيه ضربة عسكرية إلى المنشآت النووية الإيرانية; فإمَّا أنْ تلجأ إليها الولايات المتحدة الآن, وقبل فَوْت الأوان, وإمَّا أنْ تلجأ إليها إسرائيل من تلقاء نفسها, وعملاً بـ “حقِّها في الدفاع عن نفسها ضدَّ هذا التهديد (الإيراني بمحوها من الخارطة)”.
أمَّا ما يُشَجِّع إسرائيل على “المجازَفة” فهو عِلْمها (عِلْم اليقين) أنَّ الولايات المتحدة, وفي هذه السنة الانتخابية على وجه الخصوص, لن تتركها وحيدة في مواجهة ردود الفعل الإيرانية, ولو باغتتها بهذا العمل العسكري المنفرد; وربَّما تتعدَّى ردود الفعل الإيرانية إسرائيل إلى أماكن أخرى, فتضطَّر الولايات المتحدة إلى استخدام قوَّتها العسكرية ضدَّ إيران.
وثمَّة سببٌ آخر يُشَجِّع إسرائيل على هذه “المجازَفة” هو خشيتها من عواقب فوز أوباما بولاية رئاسية ثانية وأخيرة, فالرئيس أوباما في ولايته الثانية قد يصبح, في مَلَفَيِّ “إيران” و”عملية السلام”, أقل تأثُّراً بالضغوط الإسرائيلية; ولا بدَّ, من ثمَّ, من أنْ تَقْدِم إسرائيل الآن على ما من شأنه أنْ يورِّط الرئيس أوباما في صراعها (النووي) ضدَّ إيران, أو يتسبَّب في خسارته الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويكفي أنْ يَقَع الهجوم العسكري الإسرائيلي (الآن) على المنشآت النووية الإيرانية حتى يتفاعل هذا الهجوم وعواقبه مع “الأزمة السورية”, بأبعادها الإقليمية والدولية, ونُصْبِح, في اليوم التالي, على شرق أوسط مختلف تماماً, ويَدْعونا إلى أنْ ننظر إليه بعيون مختلفة.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.