خطة كيري لتحقيق التسوية
يحاول وزير الخارجية الأمريكي الجديد جون كيري حمل إسرائيل والفلسطينيين إلى لقاء رباعي في الأردن. أما الرد الذي تلقاه من أبو مازن، حاليا على الأقل، فهو سلبي تماما.
في لقاء عقد بينهما أول أمس أوضح رئيس السلطة بأنه إلى أن تتخذ إسرائيل خطوة هامة ما فإنه لن يذهب إلى أي محادثات.
لا في الأردن ولا في أي مكان آخر. وكي يستفز إسرائيل ويتحدى كيري أكثر، أعلن أبو مازن علنا أيضا بأنه يطالب بأن يرى قبل كل شيء خريطة التسويات الإسرائيلية، وان كان عرف بأنها غير موجودة.
اللقاء الرباعي في عمان هو مرحلة ضرورية في «كتاب الحرب» الذي بناه كيري لنفسه. ويدور الحديث عمليا عن خطة مرتبة يفترض بها أن تنتزع من الطرفين موافقة على معظم الشروط السياسية التي برأي الأمريكيين أساسية للتسوية. الفصل الأخير في الكتاب لم يكتب بعد، ويفترض بكيري أن يرفع إلى الرئيس أوباما مساعيه كي يحسم: هل يرى إمكانية حقيقية للتسوية بين الطرفين ويعلن عن «مبادرة رئاسية» أم أن ترفع الولايات المتحدة يديها وتدع المسيرة تندثر.
وحسب مصادر في وزارة الخارجية الأمريكية، فإن مساعي كيري ستستمر نحو نصف سنة، في أثنائها يصل إلى المنطقة مرة كل بضعة أسابيع. ولنيل الإسناد من البيت الأبيض، غير كيري فريق المفاوضات وقرب إليه بيل غوردون، رجل مجلس الأمن القومي الذي حل محل دنيس روس. ومن المتوقع لغوردون أن يصل غدا إلى إسرائيل في أول زيارة عمل له.
ويفترض باللقاء الرباعي أن ينهي مرحلة الإعداد ويبدأ بالمرحلة العملية في الاتصالات. واختيار الأردن ليس صدفة، ويأتي لخلق إحساس بالزخم لدى شعوب المنطقة والعالم. كما أن للأمريكيين مصلحة كبيرة في تعزيز مكانة الملك عبد الله، ومثل هذا اللقاء يعبر عن تعميق الدور الأردني في المفاوضات. كما أن الأردن سيشكل «عمود السند» في مجموعة الدعم من الدول العربية المعتدلة للمسيرة.
في هذه الأثناء، وحتى قبل انطلاق الفصل الأول، وضع العائق الأول وليس الأكبر في شكل الرفض الفلسطيني. وللتغلب عليه يحاول كيري أن ينتزع من إسرائيل سلسلة خطوات بناء ثقة تجلب أبو مازن إلى عمان. وسبق لإسرائيل أن تعهدت بتحويل الأموال إلى السلطة، والآن يتوقع الأمريكيون عدة خطوات أخرى، بعضها سرية. وفي الفصل السري يظهر مثلا الطلب بأن تقيد إسرائيل البناء في المناطق خارج الكتل الاستيطانية. والفلسطينيون تعهدوا ألا يتوجهوا بمبادرات مستقلة إلى الأمم المتحدة، في الأشهر القريبة على الأقل. إذا اجتاز كيري بسلام مرحلة خطوات الثقة، فسيكون ممكنا الانتقال إلى الفصل التالي: القمة في الأردن. هناك يبدأ المسعى لتقليص الفوارق بين الطرفين في المسائل الجوهرية. وقد بدأ كيري منذ الآن يجس النبض كيف يمكن أن يقرب بين الطرفين في مواضيع الأمن والحدود. هنا، حسب موظفين كبار في وزارة الخارجية الأمريكية، فإن الأمريكيين يحتفظون قريبا من الصدر بخطة أصلية مشكوك أن تتمكن الحكومة الجديدة في إسرائيل أن تهضمها بتركيبتها الحالية. وحسب هذه الخطة يمكن للطرفين أن يتوصلا منذ الآن إلى توافق على 80 في المائة من المساحة وذلك لأن الإسرائيليين يوافقون على أنه في 94 في المائة من المناطق يسكن على أي حال فلسطينيون فقط تقريبا. والمعنى العملي في هذه المرحلة هو تسليم مناطق للفلسطينيين، شريطة أن تكون مجردة من السلاح.
وبالتوازي يظهر في «كتاب الحرب» فصل آخر يسمى «بناء مجموعة دعم». المجموعة (السعودية، تركيا، الأردن، دول الخليج ودول شمال إفريقيا) ستسند السلطة من جهة، وتمارس البادرات تجاه إسرائيل من جهة أخرى بروح المبادرة السعودية. وسيكون لمجموعة الدعم هذه دور أيضا في الخطاب الإقليمي الشامل في مواضيع سوريا، إيران والاستقرار في الأردن، والتي لإسرائيل فيها أيضا مصلحة جمة..
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.