كانت تقضي سياسة أميركا القديمة الهجومية- الدفاعية على مواجهة المخاطر الآتية: (الإسلام، الصين، ندرة موارد الطاقة، التضاؤل السكاني لمواطني الدول الصناعية، قيام قوى اقتصادية ناشئة “رباعي الـ”بريكس” أي البرازيل روسيا الهند الصين).. ألخ. أي مواجهة الإرهاب في موطنه، وقلب الأنظمة غير المتعاونة مع واشنطن، أو لي ذراعها، وحث أنظمة أُخرى على الانفتاح السياسي داخلياً. والسيطرة المباشرة على منابع النفط عبر أنظمة حليفة، ثابتة، ذات سمعة طيبة. وتحسين صورة الولايات المتحدة في المنطقة عبر تصدير أجمل ما لديها.. أي الحرية والديمقراطية.. وإشعار شعوب المنطقة أن واشنطن هي من (المنقذ والمخلص) ومن ستجلب الحرية والترف الاقتصادي. أدت هذه السياسة إلى نتائج سلبية جداً، وعكسية.. إذ:
– حولت ما يعرف بقادة الإرهاب الإسلامي- بن لادن والظواهري أو الزرقاوي- إلى اسطورة.
– خلقت عطفاً غير مسبوق في الشارع العربي تجاه صدام حسين ومعمر القذافي.
– حولت العراق فسورية إلى مركز للجهاد العالمي.
– خلقت شرخ عميق بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي.
– عزلت الولايات المتحدة دولياً.
– كلفتها خسارات فادحة بشرياً 5000 قتيل أميركي في العراق وأفغانستان و5 ترليون دولار.
– أعطت طاقة جديدة للحركات الإسلامية المتطرفة لدرجة أنها عززت عملياتها في بلدان حليفة وثابتة مثل مصر والأُردن والسعودية وتونس.
– صارت تهدد بخسارة مستمرة للحزب الجمهوري للسلطة في أية انتخابات تشريعية أو رئاسية.
صانعي هذه السياسة- السابقة والمستقبلية- مازالوا في مراكز القرار، فقرروا استثمار التجارب الفاشلة وتعديل أساليبهم، عبر وضع توجهاً أميركياً جديداً في المنطقة، بدأ تطبيقه على الأرض.. وهو سيؤدي عملياً إلى السيطرة على المنطقة عن بُعد، أو عن علو، عبر إغراقها في عقود طويلة من الحروب.. المنضبطة المسيطر عليها.
يرتكز التوجه الأميركي الجديد إلى مجموعة من القواعد التالية:
• إطلاق عنان “التناقضات الطبيعية” الدينية والوطنية والإثنية والمذهبية.
• التحريض على التقسيم والانفصال. عدم الاكتراث بالحدود التي رسمتها الدول التي خرجت منتصرة من الحرب العالمية الأولى. بل الدول التي خرجت منتصرة من الحرب الباردة (العهد الأميركي الجديد).
• عدم إجهاد الدبلوماسية الأميركية في مشاكل لا يمكن حلها. أي طرح الحلول السطحية.
• خلق توازنات وإن استمرت الحروب، شرط أن تبقى الحروب في إطارها ولا تنتشر أو تهدد بقلب هذه التوازنات.
• طي موضوع نشر الديمقراطية في المنطقة لأنها تهدد ثبات الدول الحليفة. وأنه في كل مرة ستجري فيها انتخابات ستكون النتيجة لصالح الاتجاهات الدينية- مسلمة ومسيحية-. إذ أكدت النتائج أن الانتماء الأول والأساسي والمهيمن هو الانتماء الديني قبل الوطني.
• استبدال السيطرة على النفط (عسكرياً) بالسيطرة على (السوق) النفطية. أي منع الصين وروسيا من السيطرة مباشرةً على منابع النفط.
• ملء الفراغ العسكري الأميركي في العراق وأفغانستان والخليج العربي، بوجود أميركي غير مرئي، تحميه اتفاقيات طويلة مع الحكومات، وعلاقات وثيقة مع الجيوش المحلية في هذه الدول. مما يبقي هذه الجيوش ضعيفة لأن الحكومات المركزية ضعيفة.
• الحفاظ الدائم على قوة عسكرية ضاربة في (آسيا الوسطى وتركيا وأوروبا) كافية لضرب أي عدو أو خصم أو (نصف صديق) يحاول المس بالتوازنات الطبيعية.
• عرفت واشنطن الثمن المعنوي والدبلوماسي الهائل لعدم اكتراثها بالقانون الدولي، وكيف اضطرت بعد غزوها بغداد الى استجداء غطاء الأُمم المتحدة. وعليه، ستستخدم واشنطن القانون الدولي عن طريق الاحتيال والتضليل الإعلامي، لتحقيق أهدافها، وإن تعذر ذلك ستلجأ إلى العقوبات الأُحادية الجانب (اقتصادية دبلوماسية قانونية تكنلوجية).
• إتكال أميركا خارجياً على الغطاء والمظلة والقوات الأُممية، وحين يتعذر ذلك، ستلجأ إلى استخدام المظلة الأطلسية (الناتو) بتفويض دولي، كما هي الحال في أفغانستان.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.